كل ما يجري من حولك

إني لأجدُ ريحَ يوسف؟

411

 

عبدالعزيز أبو طالب

يا يوسف يا يوسف يا يوسف يا يوسف يا يوســــــف..

ليس يعقوباً يبحَثُ عن يوسف في قميص ملطَّخٍ بدماءِ الكذبِ ولا في غيابة الجُب ولا بين أنياب الذئب.

إنه أبٌ يمني يبحث عن ولده الطفل الصغير يوسف في سيارة محملة بأشلاء الأطفال الذين هم بلا رؤوس ولم تعد هناك أية ملامح ظاهرة تدل عليهم سوى بعض ملابسهم؛ لأنَّ قنابل طائرات العدوان حولت الأطفال إلى لحم مهروس وعظام مهشم فخلطت أعضاء وأجساد الأطفال ببعضها..

كان الأب اليمني يحوم حول السيارة يقلب بين قطع اللحم المتفحمة يبحَثُ عن قطعة لولده يوسف تدله على أنه فعلاً أحد ركاب السيارة، وفعلاً حصل ذلك ولقي الوالد قطعةً من لحم ولده..

كان الأب قبل أن يجد ولده في حالة لا يمكن وصفُها مصدوماً من هول الجريمة ويبحَثُ عن ولده الضائع الذي كان أحد ركاب الحافلة وكان مفجوعاً مما تحمله السيارة من أشلاء، كان يتمنى أنْ لا يلقى ولدَه يوسفَ في السيارة.. وعندما وجد يوسف تغيّر المشهد..

آه.. يوسف..

ارتفع صوتُ والد يوسف بشكل جنوني وبدأ يحلِفُ الأيمـان ويقول: هذا يوسف والله إنه يوسف ولدي يوسف.. ويكثر من ترديد اسم يوسف ويدورُ حول السيارة بشكل غريب باحثاً عن بقايا أشلاء يوسف، خارت قواه وفقد أعصابه وغلبه الوجعُ وابيضَّت عيناه من الحزن..

ليس فقط والد يوسف من شكا بثه وحزنَه إلى الله، لقد انهمرت أعين الجميع، مَن كان حول السيارة ومن شاهد الفيديو الجميع، لم يتملكوا أنفسهم من شدة الصدمة والفاجعة..

كان الأبُ يقولُ في نفسه ليت يوسف في قعر البئر، وليت السيَّارة هي التي مرت وأخذت ولد يعقوب إلى قصر العزيز وليت يوسف هو من سوف يتم أخذه ليباع في سوق النخاسة بثمن بخس دراهم معدودات.. أهمُّ شيء أن يكونَ هناك أملٌ في أن أراه حياً ذات يوم لكيَ أقبل قدميه وجثوا على ركبتي لكي اشكر الله على حلمه وعلمه..

لكن لا مقارنة فما حدَثَ ليوسف في كنعان عكس ما حصل ليوسف في ضحيان رغم أن المجرمَ واحدٌ والهدف واحدٌ وإن اختلف الزمان والمكان..

وهنا علينا جميعاً أن نواسيَ والدَ يوسف هو وبقية الآباء ونقول لهم: عظم الله لنا ولكم الأجر وإنا لله وإنا إليه راجعون، وحسبنا الله ونعم الوكيل ولعنةُ الله على الظالمين.

You might also like