كل ما يجري من حولك

ثلاثة محاور توضح تفاصيل العلاقة بين السعودية والقاعدة

434
ثلاثة محاور توضح تفاصيل العلاقة بين السعودية والقاعدة

لم يعد بإمكان تنظيم “القاعدة” الإرهابي الاختباء خلف العباءة السعودية الإماراتية الأمريكية، بعد كل هذا الكم من التقارير الصحفية والميدانية حول تورّط الدول الثلاث السابقة الذكر في العلاقة مع تنظيم “القاعدة” وزرعه في قلب اليمن ومن ثم تحويله إلى هدف مستباح لتحقيق مطامع سعودية إماراتية بمباركة أمريكية، وبالنتيجة استفادت هذه الدول من تسمين القاعدة في اليمن ومن ثم قصفها، فيما كان اليمنيون يعانون بسبب هذه المسرحية التي بدأ عرضها منذ مارس/آذار 2015.

يوم أمس الاثنين نشرت وكالة “أسوشيتد برس” تحقيقاً مطوّلاً شرحت فيه بالتفصيل عن اتفاقيات سرية بين “التحالف العربي” وتنظيمات إرهابية في اليمن، وأشار التحقيق إلى أن الاتفاقات مع التنظيمات الإرهابية جرت بعلم أمريكا.

وتضمّن التحقيق معلومات حول الاتفاقيات السرية التي أجرتها السعودية التي تقود “التحالف الدولي” مع تنظيم القاعدة في اليمن، لافتاً إلى أن التحالف “دفع أموالاً لتنظيم القاعدة باليمن مقابل انسحاب مقاتليه”.

ففي ربيع عام 2016 تم عقد اتفاقية انسحب بموجبها الآلاف من مقاتلي القاعدة من المكلا، خامس أكبر مدينة في اليمن وميناء رئيسي على بحر العرب، وتم تأمين طريق الخروج للمقاتلين الذين سمح لهم بالاحتفاظ بأسلحتهم والأموال التي نهبوها من المدينة والتي تصل إلى 100 مليون دولار حسب بعض التقديرات.

وكما حصل في شبوة، كذلك غابت هجمات الطائرات عن المشهد، ويقول أحد زعماء القبائل الكبار الذين رأوا القافلة وهي تغادر: “كنت أتساءل لماذا لم يضربوها، الطائرات المقاتلة التابعة للتحالف والطائرات الأمريكية بلا طيار”.

بعد عقد هذه الصفقة بين قادة التنظيم ومسؤولين إماراتيين عبر شيخ عشائري، بدأ استعراض قوات التحالف والقوات المدعومة منها، معلنة مقتل مئات المقاتلين، ومعتبرة عملية استعادة السيطرة “جزء من الجهود الدولية المشتركة لهزيمة المنظمات الإرهابية في اليمن.

ثلاثة محاور توضّح تفاصيل العلاقة مع القاعدة:

أولاً: ظهر تنظيم القاعدة في جنوب اليمن منذ تسعينيات القرن الماضي وكانت غايته هناك محاربة الوجود الغربي في الأساس، لتتحول أهدافه لمواجهة السلطات اليمنية آنذاك، ليصبح مع الزمن أحد أذرع من كان يحاربهم، فقد وجدت السعودية مع دخولها حرب اليمن ضالتها في هذا التنظيم، لتبرير عمليات القصف على جنوب اليمن والسيطرة عليه كرمى عيون الإمارات التي تلهث وراء السيطرة على موانئ اليمن، أما السعودية فكانت تبحث عن تلميع صورتها في المجتمع الدولي من خلال تصدير نفسها على أنها تحارب الإرهاب، خاصة بعد الضغوط التي تعرضت لها بعد أحداث 11 أيلول وما نتج عنها من تحقيقات أظهر وجود أيادٍ سعودية في تلك الحادثة.

ومع ذلك ورغم كل التقارير التي أكدت وجود علاقة بين السعودية وتنظيم القاعدة، إلا إن التحالف الذي تقوده السعودية علّق مؤخراً على تقرير “أسوشيتد برس” بالقول: “إنه يواصل التزامه بمكافحة التطرف والإرهاب”.

في الوقت نفسه أفاد تحقيق الوكالة الأمريكية بأن الفصائل المدعومة من التحالف بقيادة السعودية تقوم بتجنيد مسلحي القاعدة، مشيراً إلى أنه “تم الاتفاق على انضمام 250 من تنظيم القاعدة للحزام الأمني، وهي القوة المدعومة إماراتياً”.

ثانياً: عندما قررت السعودية استهداف تنظيم “القاعدة” في اليمن لتبييض صورتها أمام العالم وإبعاد الشبهات عنها، فشلت في استهدافه بعد أن حوّلته إلى “كبش فداء” لتتحول من قصفه إلى إجراء محادثات سرية معه، تم إغراؤه فيها بالمال مقابل الانسحاب وإحداث صخب إعلامي بأن السعودية دحرت عناصر التنظيم الإرهابي وحررت اليمن من رجس الإرهاب، ولكن كيف يكون ذلك والبلاد تعيش أسوأ أزمة إنسانية شهدها التاريخ ناهيك عن آلاف القتلى وانتشار الأمراض والأوبئة في كل مكان.

السعودية ومعها أمريكا لم تستهدفا التنظيم وإنما دفعتا له المال لكي ينسحب وقد أثبت تحقيق الوكالة الأمريكية هذا الكلام، ونقلت الوكالة عن مايكل هورتون، وهو زميل في مؤسسة جيمس تاون، وهي مجموعة تحليلات أمريكية تتعقب الإرهاب، قوله: “جزء كبير من الحرب على تنظيم القاعدة من قبل الإمارات والميليشيات المتحالفة معها هو تمثيلية، من شبه المستحيل الآن التمييز وفك الارتباط بين من هو من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومن ليس كذلك منذ أن عقد العديد من الصفقات والتحالفات”.

ويقول شهود عيان أنهم لم يروا أي متشددين قتلوا وقال صحفي محلي، تحدث إلى وكالة الأسوشييتد برس شريطة عدم الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام: “استيقظنا في يوم من الأيام واختفت القاعدة دون قتال.

ثالثاً: تعاون أمريكا والسعودية والإمارات مع تنظيم “القاعدة” بالرغم من تصنيفه على أنه منظمة إرهابية يجب تجفيف جذورها في جميع أرداء العالم، يدفعنا للتساؤل لماذا تحارب واشنطن من يحارب هذا التنظيم في اليمن، نتكلم هنا عن جماعة “أنصار الله” التي تمكّنت بدعم من القبائل من بتر قدم القاعدة في اليمن، وحتى اللحظة ما زالت تحارب هذا التنظيم، ويدّعون أن إيران تدعم “أنصار الله” إذن إيران تدعم من يحارب “تنظيم القاعدة”، ونحن نرى أن طهران تدفع ثمن محاربة الإرهاب في كل مكان عوضاً عن دعمها وتقديم الشكر لها.

في الختام.. يعدّ تنظيم القاعدة في اليمن الأخطر في العالم، الآن أعتقد أنه علينا أن نعيد حساباتنا حول من أصبح “الأخطر” اليوم في اليمن ومن حولها.

You might also like