حرب اليمن تهديد حقيقي للشحن الدولي
حذّرت مؤسسة «هيريتيج» للدراسات والبحوث من حالة «اللاستقرار التي تحيط بمضيق باب المندب الاستراتيجي»، لافتة إلى أن «عدداً قليلاً فقط من الأمريكيين يدركون أن هناك حرب أهلية مستعرة في اليمن، وأن عدد أقل منهم على دارية بموقع ذلك المضيق، وكيف يمكن أن يؤثر مصيره عليهم».

ونوهت المؤسسة الأمريكية، إلى أن «الصراع المستمر الذي يحيط بالمضيق الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي، يتمثل في الحرب الأهلية في اليمن، والنزاع الحدودي بين إريتريا وجيبوتي»، مشيرةً إلى أن ذلك الصراع «يهدد كثيراً من الصادرات التي تمر عبره من الخليج وآسيا، والمتجهة إلى الأسواق الغربية، وهو ما استدعى قيام كل من الولايات المتحدة، وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والاتحاد الأوروبي، بعمليات لمكافحة الإرهاب ومكافحة القرصنة في المنطقة».

وذهبت المؤسسة الأمريكية، إلى القول «لطالما كان اليمن، موطن أسلاف أسامة بن لادن، معقلاً للتطرف الإسلامي، فضلاً عن كونه دولة فاشلة متورطة في حرب أهلية مريرة نجمت عن الفوضى التي كان التنبؤ بها نتيجة الربيع العربي، حيث أصبح البلد مليئاً بالجماعات الإرهابية وحركات التمرد المتداخلة المتعددة، لافتة إلى أن تلك الفوضى «سمحت لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بالازدهار والتطور ليصبح واحداً من أكثر التهديدات الإرهابية قوة للولايات المتحدة».

وأكدت «هيريتيج»، على أن «التهديد الذي يمثله اليمن على عمليات الشحن عبر باب المندب حقيقي»، مرجعاً سبب ذلك إلى «ما حدث في العام 2016، حين أطلق الحوثيين، عدداً من الصواريخ على سفينة حربية تابعة للبحرية الأمريكية بالقرب من باب المندب، وقيامهم بزراعة الألغام على طول الساحل اليمني، فضلاً عن استخدامهم زورقاً مسيّراً عن بعد مليئ بالمتفجرات في الهجوم على ميناء المخا، في يوليو من العام 2017».

وأشارت المؤسسة الأمريكية، إلى أن آخر التهديدات «كانت الهجمات البحرية التي شنها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر، بما في ذلك الهجوم بالزوارق الحربية على ناقلة نفط سعودية أثناء مرورها بالقرب من ميناء الحديدة في أبريل الماضي».

واعتبرت «هيريتيج» وجود المشاكل السياسية والاقتصادية في جيبوتي، إلى جانب التحديات الأمنية التي تواجه اليمن، بمثابة «خليط جيوسياسي مميت يهدد بشكل مباشر الشحن الدولي والمصالح الأمريكية».

وختمت المؤسسة الأمريكية تحليلها بتوجيه تحذير آخر من أن المخاطر على مضيق باب المندب «ستزداد بشكل أكبر مع تزايد المشاركة العسكرية الصينية، واستمرار الحرب الأهلية التي لا بوادر لنهايتها في اليمن»، مشددة على الولايات المتحدة «عدم تجاهل الصراع الذي يحيط بالمضيق الاستراتيجي، خاصة في ظل تزايد الدور الإيراني، واستمرار مرور ناقلات النفط التي تحمل مايقرب عن4.7 مليون برميل يومياً عبر ذلك المضيق».

 

 

اليمن ساحة مفتوحة للانتهاكات

 

وفي سياق آخر، حذر منتدى «الأمن الأمريكي» (جاست سيكيورتي)، من «مغبة أن يتم ربط الولايات المتحدة بالقوى التي لم تظهر أي احترام لقوانين النزاع المسلح، إذا ما تم النظر إلى الحرب الأهلية المستمرة في اليمن منذ ثلاث سنوات، والتي تسببت بالفعل في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وتشريد نحو ثلاثة ملايين مدني من ديارهم، وتركت ما يزيد عن ثمانية ملايين رجل وامرأة وطفل يواجهون شبح المجاعة».

ولفت «جاست سيكيورتي»، إلى أن «الغارات الجوية المكثفة التي قام بها التحالف الذي تقوده السعودية في الآونة الأخيرة على ميناء الحديدة، والمتزامنة مع تقدم القوات المدعومة من الإمارات باتجاه المدينة، جعلت حياة قرابة 250 ألف مدني يعيشون هناك، معرضة للخطر»، محذراً من أن «الهجوم على الميناء، سيعرض حبل نجاة جميع سكان اليمن من الغذاء والدواء للخطر».

وأكد في الوقت نفسه، على إلى أن «الأمريكيين أيضاً في خطر، بفعل التواطؤ في الجرائم التي ارتكبتها قوات التحالف في تلك الحرب».

وأشار المنتدى الأمريكي إلى أنه وحتى الآن «لم يتم الاستجابة إلى النداءت التي أطلقها مجلس الأمن الدولي بوقف الهجوم على الحديدة وبقاء الميناء مفتوحاً أمام المساعدات الإنسانية»، مشدداً على ضرورة أن «يتخذ الكونجرس الأمريكي وإدارة ترامب خطوات لمنع هذه الأزمة من أن تصبح كارثة».

ووضع «جاست سيكيورتي»، ثلاثة إجراءات ضرورية، وقال إن «على الولايات المتحدة اتخاذها لمنع هذه الأزمة من أن تصبح كارثة». أولاً، «قطع إمدادات الأسلحة التي تُستخدم لارتكاب جرائم حرب وانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان». ثانياً، «مطالبة جميع الأطراف، بما في ذلك التحالف الذي تقوده السعودية، بوقف اعتداءاتها على المدنيين». ثالثاً، «إعطاء الأولوية للتحقيق في جرائم الحرب حتى يمكن محاسبة المسؤولين الأكثر مسؤولية، ولاسيما القادة».

ورأى المنتدى الأمريكي أنه «من المشجع أن مجموعة من أعضاء مجلس النواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي قد دفعوا باتجاه الإجراءين الأولين، حين طلبوا من وزير الدفاع جيمس ماتيس، بأن يقدم للكونغرس توضيحات فورية حول النطاق الكامل لمشاركة الولايات المتحدة العسكرية في الصراع في اليمن، وحثوا بشكل محدد ماتيس على استخدام جميع الأدوات التي في قيادته لثني التحالف الذي تقوده السعودية، عن المضي قدماً في هجوم الحديدة، ورفض توفير الدعم اللوجستي والعسكري والدبلوماسي الأمريكي لأي عملية من هذا القبيل».

وأكد «جاست سيكيورتي» على ضرورة أن «تلعب الولايات المتحدة دوراً قيادياً في ضمان التحقيق في جرائم الحرب المزعومة ومقاضاة الجناة المباشرين ومعاقبتهم»، مشيراً إلى أن «الجرائم التي تُرتكب في اليمن لا تقتصر على الهجمات العسكرية فحسب، حيث أن هناك العديد من الجرائم التي تم الكشف عنها، وفي مقدمتها الاختفاء والقسري والاعتقال التعسفي الذي طال العديد من مؤيدي حقوق الإنسان والصحافيين الذين تحدثوا ضد أفعال أطراف النزاع»، مشدداً على وجوب «الكشف هذه الانتهاكات والتحقيق فيها بطريقة من شأنها أن تضع الأساس للمحاكمات المستقبلية».

ونوه المنتدى الأمريكي إلى أن «وجهة النظر التي كانت سائدة، هي أنه يمكن ارتكاب انتهاكات خطيرة وإساءات ضد المدنيين في اليمن من دون عقاب»، موضحاً أن هذا التصوّر قد «ساعد على توفير الأسلحة وتقديم المساعدة إلى الجهات الفاعلة الرئيسية من قبل الولايات المتحدة والحكومات الأخرى».

وختم تقريره بالقول: «طالما أن الملايين من البشر باتوا معرضين للخطر، فمن الضروري اتخاذ إجراء حاسم، لوقف بيع الأسلحة للأطراف المتحاربة، ووضع حد للإفلات من العقاب على الانتهاكات والتجاوزات، وذلك من أجل مستقبل أفضل لليمن واليمنيين».

 

مشروع تعزيز آفاق نجاح عملية السلام

 

ومن جانبها، شددت مجموعة «أوكسفورد» للأبحاث، على أنه «لا يمكن معالجة أزمة اليمن بشكل ذي مغزى من دون تسوية سياسية»، مرجعة أسباب عدم نجاح الجهود الدولية للتوسط في تحقيق السلام بين الفصائل المسلحة الرئيسية، إلى كونها «لم تشمل كامل السكان والمناطق غير المتجانسة التي تتشكل منها اليمن».

وكشفت المجموعة البريطانية عن أن برنامج «السلام الاستراتيجي» التابع لها، قد بدأ بالتنسيق مع مركز «صنعاء للدراسات الإستراتيجية»، للعمل على مشروع لتعزيز القدرات المحلية من أجل إجراء حوار استراتيجي شامل في منطقتين رئيسيتين من اليمن وهما، مأرب وحضرموت، وذلك للتحرك نحو التوصل إلى قرار ينهي الحرب في المستقبل، إداركاً منها بأن الوقت قد لا يكون مناسباً للتوصل إلى اتفاقية سلام ذات معنى.

وأوضحت مجموعة «أوكسفورد» أن المشروع يهدف إلى «إرساء الأسس اللازمة لزيادة فعالية جهود بناء السلام والإسهام في الانتقال السياسي في البلد في المستقبل، من خلال إعادة التفكير في الافتراضات التي طال أمدها بشأن طبيعة وشكل عملية السلام التي ينبغي أن تتخذ، واستكشاف النماذج الإبداعية والتفاعل معها، وبالتالي صياغة إمكانيات جديدة للسلام الدائم».

وأشارت المجموعة البريطانية إلى أن المشروع «يهدف في عامه الأول إلى تعزيز آفاق نجاح عملية السلام في اليمن، من خلال توفير منصة لتحديد ومناقشة الأسباب المحبطة للاتفاقات بين المجموعات ذات الاهتمامات المشتركة على المستوى المحلي في اليمن، وبناء القدرات المحلية لتسهيل منتديات التفكير الاستراتيجي الجماعي والمشاركة الكاملة في عملية السلام في البلد، والتنمية الديمقراطية المستقبلية، وتعزيز عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، وجهود بناء السلام الدولية الأخرى من خلال السماح لهم بالتواصل مع القضايا التي تشهدها على المستوى المحلي».

ولفتت المجموعة البريطانية، إلى أن حكومة المملكة المتحدة، قد «التزمت بتوفير التمويل اللازم للسنة التجريبية للمشروع 2018-2019».