منذ إعلان الرئيس عبد ربه منصور هادي عدن «عاصمة مؤقتة» للجمهورية اليمنية، في مطلع العام 2015، وعلى الرغم من الإعلان عن تحريرها في مايو من ذات العام، إلا أن هذه المدينة ما زالت تراوح مكانها، فلا هي عادت إلى اليمنيين عاصمة مؤقتة، ولا هي بقيت مدينة عادية كغيرها من المدن اليمنية. ثلاث سنوات مضت من عمرها، فيما أطلال الخراب والدمار الذي لحق بها نتيجة الحرب، ما زالت على ما هي عليه، أطلال فنادق وشاليهات ومبانٍ حكومية ومراكز شرطوية وبريدية ومدارس ومعاهد وكليات جامعية ومجمعات سكنية، دمار لم يجد من يحاكي أسبابه، ولا يحتج على من يتجاهلون النداء في إعادة الإعمار، الذي كان واحداً من دواعي تدخل «التحالف العربي» بقيادة السعودية. 

ترحيل إعادة الإعمار

عندما يأتي الحديث عن عدن في أوساط العدنيين، يكون مراً، خاصة بعد أن وجدوا أنفسهم ضحية مخططات لا حصر لها، فهم يعيشون في مدينة منهكة، وكل بنيتها التي دمرت بفعل الحرب، ما زالت على أطلالها. إلى ذلك تحدث نصر عبد الهادي، من أبناء منطقة كريتر، وموظف في أرشيف مكتبة جامعة عدن، لـ«العربي» قائلاً: «مالنا ومال التاريخ. مدينة عدن أضحت تعاني معاناة كبيرة، وتأتي معاناتها، نتيجة لضعف الولاء الوطني عند كل اليمنيين، تخيلوا حتى اليوم؛ ثلاث سنوات مضت، منذ انتهاء الحرب، وما زالت هذه المدينة على ما هي عليه في سنوات ما قبل الحرب، من حيث حالة البنية التحتية المنهكة تماماً، كل الشوارع الداخلية أضحت ترابية، ومن دون اسفلت، والنظافة تكاد تكون منعدمة، وكل ما أصاب المدينة من خراب ودمار كما هو، وكأنه لا يعني أحداً».
وفند عبد الهادي، عديد الأسباب التي تقف وراء ذلك، أبرزها «غياب الحكومة، وغياب دور منظمات المجتمع المدني، التي عليها أن تظهر الآن، وتعري التحالف العربي، وتنصله عن واجباته في إعادة ما دمرته الحرب، وانشغال الأطراف السياسية بنزاعات لا ترتقي إلى مستوى الوطن، وهموم المواطن، فكل ما نجده مجرد سباق بين أطراف لا هم لها سوى نشر حالة القلق وعدم الاستقرار في المدينة، وكلنا نعلم أن كل طرف من هذه الأطراف، التي تنادي إلى استقلالنا في الجنوب مثلاً، أو تلك التي تتمسك بالوحدة، أو الأقلمة، لا يمتلك أحدها أي مشروع واضح».
وبالنظر إلى ترحيل إعادة إعمار ما دمرته الحرب، أضاف عبد الهادي، قائلاً: «كلنا نعلم أن تدخل التحالف العربي في هذه الحرب، بهدف إستعادة شرعية الرئيس هادي ومن ثم إعادة إعمار ما دمرته الحرب، بينما نجد أطرافاً في التحالف، وتحديداً الإمارات تمنع عودة الرئيس والحكومة إلى عدن»، ويضيف متسائلاً: «لماذا؟ ألم يكن الهدف من وراء ذلك هو ترحيل مشاريع إعادة إعمار مدينة عدن والمناطق المحررة إلى أجل غير منظور؟ باعتبار أن الحكومة في حال عودتها ستكون هي المسؤولة عن تنفيذ مشارع إعادة الإعمار في عدن أوغيرها، إلا أنهم لا يريدون ذلك أصلاً، مستغلين حالة التخبط والعشوائية التي نعيشها فيما بيننا في الداخل».

صور رؤساء الإمارات تعلو الدمار

على الرغم من معاناة أبناء مدينة عدن، وحالة القلق التي أضحت مسيطرة على اليمنيين نتيجة لتنصل «التحالف» عن التزاماته في إعادة اعمار ما دمرته الحرب، يجد المتابع لتطورات الأدوار الذي تقوم به دول داخل «التحالف»، وتحديداً الإمارات، والتي لا يمكن أن توصف بأقل من أطماع استطاعت تحقيقها تحت مظلة الحرب، فها هي تنتزع من مدينة عدن هويتها، وتفرض عليها رموزها بالإكراه، من خلال رفعها صوراً لرئيس وقيادات دولة الإمارات، وأبرزها الصور العملاقة للشيخ زائد بن سلطان، التي ترتفع لعشرات الأمتار، وتحتل واجهات لمبانٍ منهارة وجولات رئيسية في خور مكسر والمعلا ودار سعد، وغيرها. 
وفي حديث إلى «العربي»، قال الدكتور أحمد عبد الرحمن، من جامعة عدن، «كما ترون هذه الصور العملاقة، والمنتشرة في كثير من مناطق عدن، تم وضعها على مبان منهارة نتيجة للحرب، ومن المضحك جداً أن تكون دولة شاركت في الحرب، بحجم دولة الإمارات، وهي عضو في التحالف العربي، وملزمة بإعادة الإعمار، وعلى الرغم من ذلك، وبدلاً من أن ترفع صور رموزها على مبانٍ حديثة، تؤكد بقاء بصمتها فيها، وتؤكد على جديتها في بناء علاقات وثيقة بمجتمع المدينة، نجد أنها ترفع صور رموزها على مبان مهدمة، هذه الحالة لا يمكن تفسيرها بأقل من أنها أطماع احتلالية، بأسلوب متخلف».