كان بإمكان «الشرعية» و«التحالف» الذي تقوده السعودية، خلال اليومين الماضيين صناعة انتصار في الساحل الغربي والترويج لهزيمة، معتبرين خطاب قائد حركة «أنصار الله» عبد الملك الحوثي، عن حدوث تراجعات وتقدمات في سياق أي حرب، بمثابة الانتصار، والجميع ربما ذهب إلى القول إن الحديدة «أوشكت على السقوط بيد التحالف والشرعية، الذين «صاروا على بعد 20 كيلو متر من المطار ومن المدينة».
وبعد يومين فقط، وأقل من ثلاثة وسبعين ساعة، بدت الأمور مختلفة تماماً، ليس على صعيد المعركة وعلى صعيد الخارطة العسكرية وخارطة التقدمات التي روجت لها فقط، بل على صعيد الخطاب للقادة العسكريين والسياسيين التابعين لـ «الشرعية» نفسها. 
قبل يومين كان هؤلاء القادة يقولون إن الحديدة «أوشكت على السقوط وأن الشرعية لم يتبق لها سوى ساعات وتسيطر على مدينة الحديدة». 

إعترافات الإعلام السعودي
وبالأمس، وعلى وسائل إعلام «التحالف» رصد «العربي» حديث العديد من المحللين السياسيين والعسكريين اليمنيين، حيث ذهب أحدهم إلى القول إن المعركة في الحديدة «توقفت ربما، وذلك لعدة أسباب من بينها أن الحوثيين زرعوا كميات كبيرة وواسعة من الألغام، وأعاقوا قوات التحالف والشرعية من التقدم، وأصبحت هذه القوات بحاجة إلى كاسحات الغام، وإلى ترتيب عسكري وإمكانيات كبيرة كي تستمر في التقدم».
وبشأن خطاب قائد الحركة، عبد الملك الحوثي، قال أحد المحللين العسكريين التابعين لـ«الشرعية»، على شاشة «الحدث» السعودية «اتضح أنه لم يكن خطاباً إنهزامياً، تماماً كما كنا نعتقد أثناء معركة الحوثيين مع علي عبد الله صالح، في صنعاء، حيث توقعنا في خطاب عبد الملك الحوثي، في تلك الفترة ويوم المعركة العسكرية بينهما أنه مهزوز وخطاب إنهزامي، ولكن وخلال ثلاثة أيام اكتشفنا أن الرجل قوي وربح المعركة في زمن قصير جداً، وهذا ما نخشاه تماماً اليوم في الحديدة، ففي الوقت الذي كنا نتوقع أنه خطاب إنهزامي، وصلت التعزيزات العسكرية من صنعاء، وعمران، وذمار، ومحافظات أخرى إلى الحديدة، وأغرقت الحديدة بالمقاتلين التابعين للحوثي من جهة، ومن جهة ثانية الألغام التي زرعت وعرقلت التقدم». 
هذا الاعتراف وهذا الحديث، جاء على لسان قادة عسكريين تابعين لـ«الشرعية» و«التحالف»، وعلى شاشات قنوات إخبارية سعودية على رأس تلك القنوات السعودية قناتي «الحدث» و«العربية».

انتصار «إفتراضي»
مصادر عسكرية ميدانية، تحدثت إلى «العربي»، وأكدت على أن جبهة الساحل «توقفت منذ يوم أمس»، وأن «أنصار الله عززت بقوات عسكرية ضخمة ومقاتلين»، مشيرةً إلى أن «خارطة عسكرية جديدة رسمها هذا الطرف، وتضع هذه الخارطة اعتبارات للجغرافيا، حيث وان المعركة تجري في مناطق مفتوحة». 
وأكدت المصادر الميدانية، على أن «جميع أرياف مديريات الحديدة ما تزال مع جماعة أنصار الله، وأن المعركة توقفت بالنسبة على مستوى المديريات عند منطقة الدريهمي»، لافتةً إلى أن «هناك تراجعات كبيرة لقوات الشرعية في هذه المنطقة والمناطق الأخرى المجاورة».
وعلى مستوى الساحل، والتي انطلقت منه قوات «الشرعية» و«التحالف»، توقفت المعركة عند منطقة الطائف، ولم تتمكن قوات «الشرعية »من مواصلة أي تقدم.
مسار هذه المعركة، والترويج لانتصار من قبل قوات «التحالف» و«الشرعية»، يكشف أن الانتصارات التي تتحدث عنها «الشرعية» هي انتصارات في وسائل الإعلام فقط، بينما على الأرض تثبت الوقائع عكس ذلك. وهذه المسألة أيضاً تعيد إلى الأذهان بأن الانتصار والتقدم لدى قوات «الشرعية»، عادة ما يكون عمره ساعات فقط. 

أبو شوارب: الإمارات تنتحر
في هذا السياق وفي حديث إلى «العربي»، قال القيادي في حركة «أنصار الله» وعضو «اللجنة الثورية العليا» الشيخ صادق أبو شوارب، إن «الإمارات تنتحر في الساحل، حيث أنهم يدفعوا بأبناء المحافظات الجنوبية إلى محارق بشكل يحزننا خاصة بعد أن فشلت المعركة في المرحلة الأولى والثانية والثالثة هذه المرحلة وباءت بالفشل والمرحلة الأولى عندما تآمروا مع عفاش على أن يقود انتفاضة شعبية والقضاء علينا في صنعاء بإسناد عسكري، أفشلناها في 24 أغسطس، ثم بقي الجانب العسكري ضغطوا الإماراتيين على الخلية بقيادة طارق عفاش على أن يقرح في ذكرى المولد النبوي، ومن ثم أرادوا أن يستثمروا آثار الخيانة وطارق هرب، فعل الحادثة في صنعاء وذهب».
وتابع أبو شوارب: «اتجهوا نحو الساحل، مراهنين على طارق عفاش، الذي قالوا إنه يخلف عمه سياسياً، وبعد مقتل عمه قالوا له أنت عسكري تذهب المعركة ولا تتحدث عن المجال السياسي، وذهبوا به إلى الساحل وتقدموا في الساحل ولم يكن أحد مع طارق، فقرروا أن يعززوا بمقاتلين من أبناء المحافظات الجنوبية مع الأسف، وأرادوا أن يحققوا اختراقاً، ولكن تم كسرهم ولم يستطيعوا أن يحققوا أي شيء، على أساس أنهم كانوا يريدون أن يدخلوا تعز وما إلى ذلك، وقد فشل هذا المخطط وفشلت هذه الإستراتيجية، ومن ثم اتجهوا الى الساحل على أساس أن يجتاحوا».
وأردف «حاولوا قبل خمسة أيام أن يلتفوا من المناطق الواقعة خلف التحيتا الوية عسكرية ومن ضمنها اللواء الرابع عمالقة، وهذه الألوية العسكرية مع قادتها تم ابادتهم ونتيجة لهذا الفشل والامارات تجمهر المجاميع التي دربتهم وتدفع بهم وخططوا على نفس الخيانة في صنعاء يصنعوا حدث، حدث عبر غرفة عمليات إعلامية من قناة العربية والحدث وسكاي نيوز والجيوش الإلكترونية».

انسحاب تكتيكي!
وبشأن حديث طرف «الشرعية» بأن القوات التابعة لها ولـ«التحالف» صارت على بعد 20 كلم من مدينة الحديدة، قال أبو شوارب «مثل ما قالوا قبل ثلاثة أعوام أنهم على بعد 50 كيلو متر من صنعاء. معروف أن لديهم تفوق فقط في سلاح الأباتشي، والطيران الأباتشي في المناطق المفتوحة تستطيع تقول إنها تفعل شيء، ولكن نحن منذ بداية العدوان لا نقاتل في المناطق المفتوحة، وبالعودة إلى بداية العدوان ستجد أنهم عندما حصلوا على منطقة مفتوحة على شكل رقم سبعة، صحراوية ممتدة من الرعب الخالي إلى منطقة فرضة نهم، حيث قاسوا المسافة أنها 70 كلم إلى صنعاء، وتقدموا في المناطق المفتوحة وقالوا دخلنا صنعاء، ولهم ثلاث سنوات في فرضة نهم، والآن هم يقولون إنهم على بعد 20 كلم من مدينة الحديدة»، متسائلاً: «لماذا لم يدخلوها إذا كان كانوا على بعد عشرين كلم؟ ولماذا الآن يقولون إنهم انسحبوا من الدريهمي انسحاباً تكتيكياً؟».
وكشف أبو شوارب في حديث موسّع إلى «العربي»، عن أن «أربعة ألوية عسكرية أخرى في منطقة حيس قامت اللجان الشعبية بتطويقها من أمامها ومن خلفها ومن جميع الجوانب، والآن تفاوض على الانسحاب، والجيش واللجان الشعبية اشترطت عليهم الانسحاب، ولكن بدون أي سلاح حتى السلاح الشخصي، لأن معظمهم من أبناء المحافظات الجنوبية مغرر بهم لا أقل ولا أكثر ونحن لا نريد قتلهم»، لافتاً إلى أن «الإماراتيين يدفعون بأبناء الجنوب وهم في عمر الزهور من خلال عيدروس الزبيدي، الذي كان يطالب بالمظلومية لأبناء الجنوب وتحرير أبناء الجنوب، والآن يجند الشباب المغرر بهم ويدفع بهم إلى المحرقة في الساحل، ومع ذلك تحركهم فشل واستراتيجيتهم سقطت وهم لم يكونوا يدركون أننا كنا نعد لهم هذا الفخ».
وزاد «كنا معدين ومجهزين للمعركة من الجيش، واللجان الشعبية، وقيادة المنطقة، والقوة البحرية والبرية والجوية، وقد تمكنا من صدهم وارجاعهم وتم ضرب دفاعاتهم الجوية بالطيران المسير والمرافقين الشخصيين لطارق عفاش تم تصفيتهم والانباء تتضارب حوله، وحينها سنؤكد كل شيء».
وبحسب أبو شوارب، فقد تم «تقطيع وصال القوات العسكرية التابعة للشرعية في عدة مناطق، وتمكن الجيش واللجان الشعبية من الزحف إليهم عبر الوازعية ومواجهتهم وضربهم بجوار معسكر خالد ابن الوليد الذي يتمركز فيه طارق عفاش، وأيضاً في منطقة حيس تم تطويق القوة بالكامل وعجز الطيران الجوي من التدخل لأن المجاهدين من الجيش واللجان الشعبية اشتبكوا معهم بشكل مباشر، كما عجز الطيران قصف قواتنا لأنه إذا قصف سيقصف الناس جميعاً، وهم الآن محاصرين ومطوقين، فيما الطيران الأمريكي في الجو 24 ساعة يحوم لحمايتهم، والان الطيران عاجز عن امدادهم بالسلاح أو حتى يساعدهم على الانسحاب».
وخلص أبو شوارب إلى القول «هم يعترفون بأنهم انسحبوا تكتيكياً وانفضحوا وانفضحت خططهم»، مؤكداً أن «هناك تضليل إعلامي كبير بسقوط الحديدة، وانهزام الحوثيين وما إلى ذلك».