كل ما يجري من حولك

هزيمة “الصهيوني” في اليمن

407

متابعات:

على امتداد التاريخ الإنساني، تعددت الصراعات بين القوى والجماعات البشرية، سعيًا لسيطرة أو مكاسب، لكن لم تربح أي قوة الصراع دون فهم لحقيقة ما تواجهه فعلًا، قبل أن تقرر دفع أثمان الانتصار.

اليمن الذي رزقه القدر شر جار، يخوض صراعًا مستمرًا مع الكيان السعودي، لا يختلف كثيرًا عن صراع دول الطوق العربي مع الكيان الصهيوني، ويقف شعبًا وجيشًا ومقاومة، في الموقف ذاته الذي واجهته شقيقاته العربيات، في مصر وسوريا ولبنان.
فهم طبيعة النشأة للكيان الوظيفي الغربي بجزيرة العرب، والتنبه لحقيقة دور آل سعود في خدمة الإمبريالية العالمية، كان مفتاح الصمود اليمني الممتد، أمام شلال المال الهادر، وبئر السلاح الذي لا ينضب في أيدي قوى العدوان عليه، رغم الصمت الدولي، مراعاة لمصالح احتكارات السلاح الكبرى في الغرب.

كيان آل سعود الذي قام بجهد بريطاني لا ينكر، قبل عقد ونيف، من تتويج قرن المؤامرات، البريطانية أيضًا، على العرب بقيام الكيان الاستدماري الثاني –الكيان الصهيوني- نذر نفسه وأمواله لهدف وحيد هو تفتيت وتدمير مصادر القوة العربية، المادية بتبديدها في صفقات تعود للغرب بالنفع، والبشرية بشلّها في صراعات وهمية، لا يستفيد منها إلا القوى الغربية.

اليمن بوصفه الدولة صاحبة الحضارة المجاورة، كانت أكثر من تلقى ضربات الخيانة من آل سعود، منذ ثلاثينات القرن الماضي، وعقب تأسيس المملكة رسميًا سعت إلى حرب مع اليمن، الخاضع لحكم المملكة المتوكلية، عقب السيطرة على المنطقة الشرقية، والتي كانت استثناء إنساني آخر، له تاريخ حافل وثري، بعكس صحارى نجد المقفرة.

المقاومة اليمنية، من خلال قراءة لأنجع الطرق التي أعجزت وهمشت فاعلية تفوق السلاح الصهيوني، استطاعت تكرار الأمر ذاته مع الكيان السعودي المعادي، عن طريق الثبات في ميادين المعارك، وتهيئة الجبهة الداخلية لحرب إجرامية، وحصار غير إنساني، وصولًا لخوض استنزاف مرهق ضد قواته ومعداته، ثم نقل المواجهة إلى أراضي العدو، وتكبيده من الأثمان ما لا يمكن قبوله على مدى طويل.

ورغم تطويل أمد المواجهة لسنوات، بفعل صفقات السلاح الضخمة، واجتذاب دول عديدة للمشاركة في إثم العدوان على الشعب اليمني البطل، فأن “خلطة حزب الله لقهر الصهاينة” نجحت في قهر الصهاينة الناطقين بالعربية، وجعل جيشهم الذي يحاولون تسويق الرعب منه مجرد شراذم تهرب في الصحراء مع أول اشتباك حقيقي.

التاريخ يعيد نفسه، لكن مع المقاومة فأن الصفحات الناصعة تكتب من جديد بمداد الدم والشرف والفداء، ففي عدوان تموز الصهيوني على لبنان، وقفت العديد من الدول العربية أيضًا مع الصهاينة، وإن من خلف ستار، وفي اجتماع شهير للملك السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز مع الرئيس المصري الأسبق –المخلوع- حسني مبارك، حملا مسؤولية العدوان ضمنيًا لحزب الله، الذي كان يسعى وراء حقوق مشروعة، تمثلت في أسراه وأراضي لبنان المحتلة.

وبعد سنوات من انتصار تموز، الأكمل عربيًا على الصهاينة، صار الكيان الصهيوني الآن نقطة ضعف خطط قوى السيطرة الغربية على المنطقة، وما منع القوى الغربية من استهداف سوريا بشكل واسع إلا الإيمان بأن الرد السوري واصل إلى تل أبيب، وهو رد متاح وقاتل.

في الحالة اليمنية، المقاومة وحدها، طبقًا للممكن والمتاح، وتطوير شكل المواجهة طبقًا لرؤية إستراتيجية، تمكنت من اختصار الرؤى النظرية إلى فعل قادر، قائم، يعرض نفسه على شعوب المنطقة.
المجد كل المجد لبنادق المقاومة، ليس بدونها تنتزع الحقوق.

(أحمد فؤاد – الصحافي المصري)

You might also like