كل ما يجري من حولك

مأساة الرفيقة «هاملت»

464

متابعات:

مصادرة منزل المناضل الأممي عبدالفتاح إسماعيل في عدن المحتلة، وتهجير أبنائه من مسقط رأسهم، ليست واقعة سطو عقارية اعتيادية… إنها ـ بمنأى عن هذا التبسيط المذعور من كلفة الإقرار بالحقيقة ـ عملية تجريف إستراتيجية لذاكرة النضال الوطني المناهض للمشاريع الاستعمارية الإمبريالية والمتشبث بالأرض والتراب ووحدة النسيج الشعبي لليمن.

بالتزامن مع هذا التجريف العمدي تجري إعادة بناء ذاكرة جمعية متصالحة مع الاستعمار الأجنبي ومحتربة فيما بينها، متشظية على نفسها منسلخة عن مجالها الحضاري التاريخي والثقافي اليمني بدعاوى انعزالية «شوفينية» لا حصر لها!
من بين كل الرفاق الأحياء (الذين كانوا)، وحدها «وفاء فتاح» تجابه بلدوز التجريف بجرأة وغيرة نابعة ـ لا من كونها ابنته ـ بل من وعيها بأن «عبدالفتاح إسماعيل» ليس إسماً عابراً، كما بات لدى غالبية الرفاق اليوم.

«أعادوا منزل علي صالح ونهبوا منزل فتاح» تدون «وفاء» على حائطها في «فيس بوك»، واضعةً مبضع التشخيص على مكمن المفارقة… لا مصادفة في الأمر، بل عمدية استعمارية فجة وفاضحة تمحو أسماءً وتثبت أخرى، وتقوِّض تاريخاً وترفع قواعد آخر وتبني ذاكرة على أنقاض ذاكرة وتستولد رميم مشروع استمعاري ماضوي من أحشاء خرائب ترزح تحت سطوة انبعاثة معاصرة لغول الاحتلال بلبوس «محلية عربية» مخاتلة.

لا وقت لدى «ياسين نعمان» لينفقه في التنديد بواقعة السطو على «منزل فتاح» من قبل تحالف احتلال يعمل «نعمان» سفيراً بمعيته في عاصمة المشروع الاستعماري القديم الجديد «لندن»…

يعكف «نعمان» خلف ضباب الترهات، على تلميع حذاء غلمان الإمارات، وكتابة «رواية مطولة» عن حروبه الفنتازية ضد «طواحين الهواء»؛ بينما عثر أستاذ المادية الدياليكتيكية أمين الاشتراكي الحالي عبدالرحمن السقاف على ضالته القيادية الأممية في صورة «سلمان ملك الزهايمر ونجله المهفوف» الذي يجسِّد «القائد التاريخي الفلتة والكفؤ ـ بحسب السقاف ـ لاستلام زمام اللحظة العربية والمضي بالحلم العربي باقتدار قُدُماً»؛ وفي هذه الحالة من الاستغراق الفلسفي فإن حضور اسم «عبدالفتاح إسماعيل» ولو في معرض «واقعة سطو عقاري على منزله» ستقطع حبل أفكار فيلسوف الماركسية الموصول بشراك نعل طويل العمر الملهم!

في البدء شُطبت صورة «فتاح» من «رباعية شهداء يناير» الموضوعة كخلفية لمنصة الحراك في الضالع عام 2007، وكانت الذريعة حينها أن الحراك «جنوبي» ثم أصبح «فتاح» في منظور معظم الفصائل الحراكية «رأس حربة للنفوذ الشمالي الشطري في سدة الدولة الجنوبية باسم الاشتراكية سابقاً»، ثم «دحباشياً حُجرياً ناهباً لثروات الجنوب باسم الوحدة»، ثم رأى الحراكيون بعدما تبينت لهم الآيات أن بقاء منزله وذريته مضرٌّ بـ«القضية الجنوبية» وأن السلامة في استئصال هذه النبتة الوحدوية كلياً واستزراع «سلالة عفاش» في تراب الجنوب المحتل…
تلك هي الخلاصة يا «وفاء فتاح» وستجدينها جلية في «مأساة هاملت» الشبيه بكِ، بنا وبكل يمني حر.

بقلم/ صلاح الدكاك

You might also like