بعد أشهر من تعثر «المقاومة الجنوبية» و«المقاومة التهامية» والقوات السودانية المدعومة من الإمارات في يختل شمال مدينة المخا، وسقوط المئات منها قتلى وجرحى بنيران «أنصار الله»، أعلن «التحالف»، قبل أيام، سيطرته على «الخوخة»، أولى المديريات في محافظة الحديدة، واستئناف معركته لـ«تحرير» الساحل الغربي. فما الذي يحدث؟ وما هي مآلات المواجهات هناك؟
في الأشهر الستة الأخيرة، وبضغوط من «أنصار الله»، دفع الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، بعدد من الكتائب من اللواء العاشر – حرس جمهوري الموالي له من صنعاء إلى جبهة المخا. هناك، وبحسب مصادر موثوقة تحدث إلى «العربي»، تم توزيع الكتائب على خطوط المواجهات في موزع والوازعية ويختل للقتال إلى جانب «اللجان الشعبية» الموالية لـ«أنصار الله».
ومع إعلان مقتل صالح في صنعاء، وجهت الإمارات القوات الموالية لها بالزحف على يختل، فانسحب الكثير من الضباط والجنود الموالين لصالح، وفتحت لهم «المقاومة» ممرات آمنة للانضمام إليها، وزحف الجميع على «الخوخة»، مسنودين بقصف جوي مكثف على مواقع «أنصار الله».
انتكاسة مبكرة 
تمكنت القوات الموالية للإمارات من دخول مدينة الخوخة عبر الطريق الساحلي، تتقدمها كاسحات ألغام على جانبي الطريق. ومع بدء التقدم صوب مديرية حيس، أدركت «المقاومة الجنوبية» و«التهامية» والقوات السودانية الفخ الكبير الذي أوقعتها الإمارات فيه. فقد تقاطرت تعزيزات «أنصار الله» إلى جبهة المخا وجنوب الحديدة، مهاجِمةً بضرواة القوات الموالية للامارات في يختل والزهاري، وقاطِعةً طريق الإمدادات عن القوات التي دخلت الخوخة، وناصِبةً الكمائن للآليات والمعدات والعربات العسكرية.
مصادر ميدانية أكدت، لـ«العربي»، توقف القوات المسنودة من الإمارات في منطقة اليابلي جنوب مديرية حيس، لافتة إلى أن الطريق الإسفلتي من يختل شمال المخا إلى اليابلي (مسافة 37 كم) صار في مرمى نيران «أنصار الله»، التي استعدت جيداً لمعركة الساحل، ونصبت مدافعها وصواريخها في الجبال وبين الأشجار وحتى وسط الرمال على امتداده. 

كما أكدت المصادر ذاتها مقتل وجرح المئات من «المقاومة الجنوبية» من منتسبي اللواء الرابع – عمالقة، والذي يقوده العميد رائد الحبهي، وكذا من منتسبي لواء تهامة الذي يقوده العميد أحمد الكوكباني، إلى جانب عدد من القوات السودانية، في مقابل مقتل الشيخ والنائب في البرلمان عن مديرية الخوخة، محمد العميسي، الموالي لـ«أنصار الله»، ومعه العشرات من المقاتلين في صف الحركة.
الجبل والساحل 
عين الإمارات على ساحل الحديدة ومينائها، الأمر الذي يتطلب عمليات خاطفة وفق منظورها. لكن مسرح العمليات على الأرض يؤكد أن الحديدة ستكون فخاً كبيراً للإمارات والموالين لها. فالسلسلة الجبلية على امتداد الساحل الغربي لا تزال بيد «أنصار الله»، والتقدم صوب مدينة حيس يتطلب استكمال السيطرة على موزع والجبال المطلة على حيس حيث تتمركز «أنصار الله» في جبال البراشا وراس ودباس، وعند أقدام هذه المرتفعات تجمعات سكانية تعقد مهمة القوات الموالية للإمارات في مواصلة التقدم في الساحل، في وقت تتعالى فيه الأصوات المعارضة في الجنوب للمعارك التي تخوضها «المقاومة» غرب تعز وجنوب الحديدة، وارتفاع أعداد الضحايا من أبنائه في معارك أبوظبي والرياض، والذين تكتظ بهم ثلاجات وأسرة المستشفيات في عدن.
الشريان الأخير 
تفاقمت مأساة الملايين من اليمنيين جراء الحرب والحصار، خصوصاً في المحافظات الواقعة تحت سيطرة «أنصار الله»، وصارت المجاعة تتهدد الكثير من السكان. ومع ذلك، لا يكترث «التحالف»، وفي المقدمة الإمارات، لكل ذلك. وفي حال إصراره على المضي في معركة الساحل لقطع آخر شريان حياة لمحافظات شمال الشمال، فإن القيادي في «أنصار الله»، والمشرف على محافظة الحديدة، أبو إدريس الشرفي، يتوعد، في تصريح إلى «العربي»، بقوله: «على أبوظبي والرياض تحمل تبعات مغامراتهما في الساحل الغربي، فالسفن النفطية التابعة للسعودية وحلفائها ستكون هدفاً مشروعاً لصواريخنا، ولن ننتظر الموت جوعاً».