كل ما يجري من حولك

اليمن في مراكز الدراسات الغربية: ضرورة عدم تجاوز الحوثيين وحل سياسي بات أكثر إلحاحاً

716
 
 – عمر أحمد:
مقتل صالح يزيد الحاجة إلى الحل السياسي
توقعت «مجموعة الأزمات الدولية» التي تتخذ من العاصمة البلجيكية بروكسل مقراً لها أن يؤدي الانهيار الهائل في «تحالف الحوثي – صالح» إلى إطالة أمد حرب اليمن ومعاناة شعبه. واعتبرت أن مقتل الرئيس السابق صالح، أتاح لجماعة «أنصار الله» الحوثيين فرض سيطرتهم بالقوة على العاصمة صنعاء، وهم الذين ينظر إليهم أعداؤهم في الرياض كمقاتلين بالوكالة عن إيران. 
وأشارت «مجموعات الأزمات» إلى أن حدوث هذا التطور المفاجئ في حرب اليمن المدمرة كان تتويجاً لشهور وسنوات من التوترات المتزايدة، وتحديداً منذ جولات من الصراع الأولى بين عامي 2004 و 2009، بين «حزب المؤتمر الشعبي العام» والحوثيين، قبل أن تصل إلى طريق مسدود، وتؤدي في نهاية المطاف إلى مقتل علي عبد الله صالح ، وهزيمته العسكرية والموالين له في صنعاء في 4 ديسمبر، لافتة إلى أن ذلك كان ثاني تفوق للحوثيين عسكرياً على صالح، بعد أن أفشلوا عملاً مماثلاً خلال المظاهرة التي نظمها في صنعاء للاحتفال بالذكرى السنوية الـ 35 لـ«المؤتمر الشعبي» في أغسطس 2017، بعد أن اشتبهوا في أنه كان ينوي التحرك ضدهم بمساعدة السعودية والإمارات. 
ورجحت «مجموعة الأزمات» أن يعقّد مقتل صالح، بهذا الشكل العنيف، من الصراع اليمن، وأن ينعكس ذلك على «حزب المؤتمر»، نظراً لعدم وجود قيادة واضحة لحزبه، حيث يعيش ابنه أحمد، قائد الحرس الجمهوري السابق، في المنفى. كما أن ابن شقيقه وقائد القوات الخاصة السابق، طارق صالح، قد قتل في صنعاء، وعلاوة على ذلك فإن الحزب قد عانى بالفعل من سلسلة من الانشقاقات منذ الانتفاضة الشعبية ضد حكمه في عام 2011، وأنه ومع رحيل صالح قد ينضم البعض إلى جانب هادي، في حين أن الكثيرين في صنعاء سيدعمون الحوثيين.
واعتبرت المجموعة الدولية أن الحوثيين هم المنتصرون في الوقت الحاضر، كون الكثير منهم أرادوا منذ فترة طويلة الانتقام لوفاة زعيمهم حسين بدر الدين الحوثي على أيدي قوات صالح في 2004، كما أن هزيمتهم لمنافسيهم الحقيقيين الوحيدين على الأرض، يعزز من سيطرتهم العسكرية والسياسية في الشمال. لكنها حذرت من أن مقتل صالح وأفراد عائلته وأعضاء حزبه رفيعي المستوى، واستمرار مداهمات منازل المسؤولين في «المؤتمر الشعبي العام»، يغذي دورات الانتقام المستقبلية. وشددت على وجوب أن يدرك الحوثيون المخاطر السياسية المتمثلة في إغراق «حزب المؤتمر» أكثر من ذلك، والتمييز علناً ​​بين مؤيدي صالح الذين حملوا السلاح ضدهم وبقية الأعضاء.
وأكدت مجموعة الأزمات على صعوبة اعتبار الانشقاق الذي حدث بين «أنصار الله» الحوثيين وصالح انتصاراً للسعودية والإمارات، مرجحة أن يقل دعمهما لمحادثات السلام في الوقت الراهن، كون الحوثيين باتوا هم المسؤولون.
وتوقعت مجموعة الأزمات الاستياءَ الشعبيَّ الواسعَ والعميق تجاه حكومة هادي و«التحالف» لحملتهم الجوية الوحشية والحصار الاقتصادي الذي يقتل البلاد.
وختمت «مجموعة الأزمات» تحليلها بالتأكيد على أن الحاجة إلى حل سياسي بات أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، كون التطورات الأخيرة أكدت على أن النهج العسكري الحالي تجاه الحوثيين فشل، وأن الأمر بات يحتاج إلى تفكير جديد، وأنه بدلاً من مشاهدة الفصل التالي، يجب على مجلس الأمن الدولي أن يصدر قراراً يدعو جميع الأطراف إلى الموافقة على وقف إطلاق النار والعودة للمفاوضات السياسية، معتبرة أن أفضل طريقة لـ«التحالف» لمواجهة الحوثيين، هو في العودة إلى السياسة، وليس في استمرار الحرب.
مستقبل محفوف بالمخاطر
من جانبه، رأى «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» أن مستقبل اليمن، بعد مقتل علي عبد الله صالح، محفوفاً بالمخاطر.
ولفت المعهد إلى إنه إذا كان موت صالح يعزز على المدى القصير مركز الحوثيين، الذين تمتد سيطرتهم على الجزء الجبلي الشمالي الغربي من البلاد حيث يعيش غالبية اليمنيين، فإنه في المقابل قد يفتح المجال أمام اتخاذ خطوة دولية لإنقاذ اليمن قبل أن تصبح دولةً منهارة.
وأشار المعهد إلى أنه، وعلى الرغم من مرور ثلاثة أعوام تقريباً منذ أن أطلق «التحالف» الذي تقوده السعودية والإمارات هجومه العسكري على جماعة (أنصار الله) الحوثيين، إلا أنه لم ينجح سوى في إرغام الحوثيين على التراجع من الجنوب، فيما جاء نجاحه هذا على حساب ضرر جانبي، ألا وهو السماح ببقاء ملاذات تنظيم «القاعدة»، وإن الأمر الأقل جدارةً بالثناء هو أداء القوات السعودية التي لم تتمكن من التقدم بعيداً عن الحدود الشمالية لليمن، كما أنه بدلاً من ذلك سمحت للقوات الحوثية بتحويل مساحة من أراضيها إلى أرض غير صالحة للسكن إلى حدٍّ كبير.
وبيّن المعهد الأمريكي أن هناك تبايناً في الرؤى بين كُلّ من الرياض وأبوظبي من هذه الحرب، حيث تأمل الرياض في أن تُنتج الحرب في المرحلة الأخيرة دولةً يمنيةً خاليةً من المشاكل وموالية للسعودية، في المقابل يبدو أن الإماراتيين يفضلون العودة إلى الانقسام الذي كانت تشهده البلاد بين شمالها وجنوبها قبل توحيدها في عام 1990. ولكنه أكد على أن الجانبين يتفقان على أمر واحد، وهو انعدام ثقتهما بالمستقبل السياسي طويل المدى للرئيس هادي، على الرغم من الدعم العلني الذي يقدمانه له.
ضرورة عدم تجاوز الحوثيين 
إعتبر «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية» (مؤسسة بحثية) أن الحالة في اليمن صادمة في ظل التحول الدراماتيكي للأحداث التي تمت في صنعاء قبل أيام فقط، حيث كان أنصار صالح فرحين في الشوارع، بعد إجبار شركائهم من جماعة «أنصار الله» الحوثيين على الانسحاب من أجزاء رئيسية من صنعاء، قبل أن يصدموا في منتصف النهار بمقاطع فيديو تظهر مقتل رئيسهم، وعودة الحوثيين للسيطرة على كامل مفاصل العاصمة.
وأشار «المجلس الأوروبي» إلى أنه وعلى الرغم من تلك الأحداث، فإنه كان من الواضح أن قوة صالح تسير في انخفاض، خاصة مع العقوبات والقيود التي وضعت على أمواله وضعف شبكته العسكرية بسبب الانشقاقات والقرارات التي اتخذتها العديد من الشخصيات الرئيسية للخروج من النزاع، في الوقت الذي نما فيه الحوثيون في السلطة، واكتسبوا الخبرة والشبكات المالية الجديدة، وتخلصوا في المقابل من الحاجة إلى دعم صالح إدارياً وسياسياً.
وتساءل «المجلس الأوروبي» عن ما سيحدث في ضوء الأحداث التي تمت في خلال الأيام القليلة الماضية، ولكنه أكد على أن التنبؤ بالمستقبل الآن سيكون أمراً خاطئاً، واضعاً بعض الاتجاهات التي يرى أنه يمكن البناء عليها، ومن أهمها:
إن السلام بات بالفعل احتمالاً بعيداً، وقد تراجع أكثر من أي وقت مضى؛ كون الحوثيين الذين عاودوا الانتصار هم على وشك الانتقام بعد أن اعتبروا أنفسهم ضحايا خيانة دراماتيكية.
ثانياً، أنه من المرجح أن تتغير خريطة الطريق الكاملة لعملية السلام، كون تحالف الحوثي صالح، الذي كان حجر الزاوية في جهود السلام المدعومة دولياً، لم يعد قائماً.
ثالثاً، ازدياد التكاليف الإنسانية للصراع سوءاً، مما يجعل متوسط حياة ​​اليمنيين أكثر إيلاماً، كونه من المرجح أن يمهد الحوثيون للسيطرة على الاقتصاد، لتبرير القيود السعودية الأكثر صرامة على التجارة والمساعدات في اليمن.
وأكد «المجلس الأوروبي» أن عدم تجاوز الحوثيين في الوقت الراهن يعد ضرورة، حيث يظل التعاون معهم حيوياً من أجل السلام، داعياً دول أوروبا للقيام بدورها في جمع الأطراف المتنازعة على طاولة الحوار، باعتبارها واحدة من الجهات القليلة القادرة على التحدث مع جميع الأطراف.
You might also like