كل ما يجري من حولك

«كان مصابًا بهوس السرقة».. هكذا نعت «نيويورك تايمز» علي عبدالله صالح!

372

متابعات| نيويورك تايمز:

عُرف عن علي عبد الله صالح، الزعيم اليمني السابق، أنه كان رجلًا قويًّا يعرف كيف ينجو من سياسات الشرق الأوسط، وهو الذي حكم أكثر من ثلاثة عقود، وظهر من جديد ليؤدي دورًا رئيسيًّا في الحرب الأهلية المدمرة في بلاده.

هكذا بدأت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تقريرها الذي نشرته بعد ساعات من مقتل الرئيس اليمني السابق على يد الحوثيين.

وقال تقرير الصحيفة الأمريكية إن صالح الذي قُتل الاثنين الماضي، في اليمن، في ظل ظروف لا تزال غير واضحة، كان مناورًا حادًا في السياسة القبلية المعقدة في اليمن، وشبَّه رئاسته في وقت سابق «بالرقص على رؤوس الثعابين»، لكن مهاراته المكيافيلية وحظه السعيد قد نفدا أخيرًاوقال مساعدوه إنه توفي بعد انفجار استهدف منزله في العاصمة صنعاءوقال المتمردون الحوثيون حلفاؤه في الحرب خلال وقت سابق– إنهم قتلوه في كمين بالصحراء.

السبت الماضي، كان صالح قد أعلن نهاية تحالفه ​​مع الحوثيين، ودعا اليمنيين إلى «الدفاع عن البلاد» ضدهموثبت أن هذا التحرك في تحالفاته المتعددة كان الأخيروبحسب معظم الروايات، فقد كان صالح يبلغ من العمر 75 عامًا، على الرغم من أن سجلات سيرته الرسمية جعلته لوقت طويل أصغر سنًّا بأربع سنواتولم تكن هذه هي المرونة الوحيدة مع الحقائق التي أظهرها في حياة حافلة بالأحداث، وفق ما ذكر التقرير.

وقد تركت فترة ولايته الطويلة بصفته زعيم أفقر الدول العربية، التي عانت من حرب دورية، وأصبحت مرتعًا لتنظيم القاعدة، بصمة واضحةلكن كان ينظر إليه عالميًّا على أنه فاسد، ولا يلتزم بأي مبدأ، ويهتم بجمع الثروة والسلطة لنفسه وأقاربه، الذين عيّنهم في مناصب قوية.

«غير جدير بالثقة تمامًا»

ونقل التقرير عن فارع المسلمي، وهو باحث يمني ورئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في صنعاء، قوله: «إنها نهاية مأساوية لـ33 عامًا من سوء حكم اليمن». وقارن المسلمي صالح بصدام حسين والعقيد معمر القذافي، وقال إن اليمن، مثل العراق وليبيا، قد انحدر إلى حالة من الفوضى جزئيًّا بسبب فشل صالح في بناء مؤسسات دائمة أثناء وجوده في منصبه.

فيما وصف جيرالد فيرستين، الذي التقى صالح في كثير من الأحيان حينما كان سفيرًا للولايات المتحدة في اليمن خلال الفترة من 2010 إلى 2013، بأنه «غير جدير بالثقة تمامًا»، لكنه قال إن بعض اليمنيين ينظرون بشكل إيجابي إلى الاستقرار النسبي في بلادهم خلال فترة حكم صالح، التي امتدت من عام 1978 إلى أوائل عام 2012، مقارنة مع العنف الحالي والانهيار.

ونقل التقرير عن فيرستين قوله: «الشيء الإيجابي أنه حافظ على البلاد متماسكة نوعًا ما»، مشيرًا إلى «نوع من السيطرة السياسية التي نقلت اليمن إلى الأمام في بعض النواحي»، بما في ذلك التعليم والصحة.

لكن صالح كان «مصابًا بهوس السرقة وهو الذي سرق المليارات، وربما عشرات المليارات من الدولارات، على مر السنين». وفي السنوات الأخيرة من حكم صالح، حظيت بلاده القاحلة والفقيرة التي يبلغ عدد سكانها 28 مليون نسمة، باهتمام كبير من الولايات المتحدة باعتبارها مصدرًا محتملًا للهجمات الإرهابية من تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» التابع لتنظيم القاعدةوقد تم تدريب ما يسمى بـ«مهاجم الملابس الداخلية» الذي حاول تفجير طائرة تابعة لشركة ديترويت في عام 2009، وأرسل من اليمن.

وقال التقرير: «يبدو أن صالح قد استفاد من النفوذ الذي خلفه هذا الخطر الإرهابي، واستغل مشاكل بلده ببراعة للحصول على مساعدة خارجيةووفقًا لبرقية دبلوماسية نشرها موقع ويكيليكس، فقد عرض صالح ذات مرة كل الأراضي اليمنية أمام الجهود الأمريكية لمكافحة الإرهاب، ووافق على مواصلة الكذب على شعبه بشأن الضربات الأمريكية الصاروخية على القاعدة».

وقد اغتيل سلفا صالح في أقل من عام، وعندما تولى السلطة في عام 1978، لم يظن سوى القليل أنه سيستمر طويلًالكنه استخدم مهارات التفاوض الهائلة، وكذلك الرعاية والمكافآت وأحيانًا القوة، لدرء التحديات.

الربيع العربي

حكم صالح شمال اليمن حتى عام 1990، عندما انضم إلى الجنوب والشمال لتشكيل الجمهورية اليمنيةنجا من حرب أهلية في عام 1994، وفاز في انتخابات يشوبها التزوير في عام 1999 بوصفه أول رئيس منتخب مباشرة في اليمن، وبمساعدة أبنائه وأبناء أشقائه الذين تولوا قيادة مواقع أمنية مهمة، أصبح الحاكم الذي امتد حكمه أطول فترة في التاريخ اليمني الحديث.

أشار التقرير إلى أن بقاء صالح في السلطة قد واجهته تحديات عندما وصلت الحماسة المؤيدة للديمقراطية، التي أطاحت قادة تونس ومصر، إلى اليمن في مطلع عام 2011. كانت هناك أشهر من المظاهرات الجماهيرية؛ مما دفعه إلى فرض العنف ضد المتظاهرين، وكلفه فقدان الدعم، إذ انشق عنه مسؤولون حكوميون ودبلوماسيون وعسكريون.

واجه صالح ضغوطًا داخلية وخارجية لمغادرة البلاد، ورد صالح بتحدٍ شديد وتكتيكات المماطلة، ووعد بالتنحي ثم تراجع في اللحظة الأخيرة.

الثورة اليمنية 2011- اليمن

وعندما كان المسجد الذي يتواجد في القصر الرئاسي هدفًا للتفجير في يونيو (حزيران) 2011، أفيد بأن صالح قد قتلغير أنه تعرض فقط لحروق شديدة وتلقى علاج طبي في السعودية والولايات المتحدةولم يتخل عن الرئاسة في فبراير (شباط) 2012 إلا بعد شهور من ضغوط المعارضين القبليين المسلحين، والاحتجاجات في الشوارع والمجتمع الدولي.

ومع ذلك، فإنه كان سريعًا في حشد القبائل، واستمر في ممارسة السلطة وراء الكواليس؛ مما قوض حكم نائبه السابق وخلفه عبد ربه منصور هاديعندما اجتاحت ميليشيا الحوثي التي هاجمها صالح مرارًا وتكرارًا في السنوات السابقة، العاصمة والمدن الرئيسية الأخرى، فاجأ العديد من اليمنيين من خلال تشكيل تحالف مع المقاتلين الشيعة ضد هادي، الذي كان مدعومًا من السعوديةرأى البعض يد إيران خلف التحالف الذي جمع الحوثيين وصالح، والذي استمر من عام 2014 حتى الأسبوع الماضي.

خلفية قبلية

ولد صالح في قبيلة سنحان ببيت الأحمر، وهي قرية زراعية في شمال اليمنمثل العديد من رجال قبيلة سنحان، انضم إلى الجيش في سن المراهقة، ولم يكن يحظى بمراحل متقدمة من التعليموقد كان صالح داعمًا للانقلاب العسكري الذي قام به العقيد أحمد حسين الغشمي، في عام 1974، وتم تعيينه في عام 1975 قائدًا عسكريًّا لمقاطعة تعز.

في عام 1977، اغتيل الحاكم العسكري إبراهيم الحمدي، وتولى العقيد الغاشمي السلطةونقل التقرير عن روبرت بورويس، وهو أستاذ متقاعد من جامعة واشنطن، كان قد سافر بانتظام إلى اليمن منذ عام 1975، قوله: «دعم صالح بوضوح الاغتيال، وبحسب بعض الروايات كانت له حرفيًّا يد فيه».

اغتيل العقيد الغاشمي بعد أقل من عام، وفتح الطريق أمام صالح لتولي السلطةوقال بورويس: «عندما وصل إلى السلطة، سخر الناس منهكان ينظر إليه من قبل العديد من اليمنيين على أنه شخص ضعيف لن يحكم طويلًا، وهو رجل قبلي بالكاد يمكنه أن يلقي خطابًاوكان قائد مقر وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية باليمن يراهن على أن صالح سيخرج من السلطة بحلول ربيع عام 1979».

لكن صالح وصل إلى السياسيين اليمنيين المخضرمين للحصول على المشورة والدعم، وجند فئة جديدة من التكنوقراط، بحسب ما ذكر بورويس الذي أضاف: «ولأسباب نفسية، لم يشعر بالتهديد من قبلهم».

وفق معظم الروايات، لم يكن صالح متدينًا، لكنه اهتم بالهيمنة على الإسلاميين الذين ازدهروا في الثقافة الدينية اليمنيةعندما عاد الرجال اليمنيون الذين قاتلوا ضد الجيش السوفيتي في أفغانستان إلى بلادهم في التسعينات، رأى أنهم قد اندمجوا داخل قوات الأمنفقط عندما بدأ تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» في مهاجمة نظامه؛ قام بتصعيد القتال ضد التنظيم.

صعّد صالح أقرانه من رجال قبيلة سنحان الذين يعملون في الجيش وقوات الأمن، ومن بينهم ابنه أحمد علي صالح، الذي كان مسؤولًا عن الحرس الجمهوري، وابن أخيه يحيى صالح، الذي عمل عن كثب مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب.

You might also like