لا يزال مئات المعتقلين في سجون «التحالف» في المحافظات الجنوبية مجهولي المصير. كل ما يعرفه ذووهم عنهم أنهم محتجزون في معتقلات سرية تديرها الإمارات في مدينتي عدن وحضرموت، يتجاوز عددها 18 معتقلاً ما بين مبنى حكومي وآخر سري، ولا يستطيع أحد مهما بلغت درجة نفوذه الوصول إليها، بل إن أنباءً تسري عن نقل بعض نزلائها إلى قاعدة الإمارات العسكرية في إريتريا.

هذا الواقع، على قتامته، لا يبدو أن القائمين عليه اكتفوا به، بل هم في طور تعزيزه بعناصر سوداوية إضافية. وهكذا، وفي خطوة عدّها مراقبون مستغربة ومستهجنة، افتتحت الإمارات، الإثنين، وبشكل رسمي، سجناً ثانياً في منطقة بئر أحمد بمدينة عدن. وجرى الافتتاح أثناء زيارة قام بها النائب العام الموالي للرئيس عبد ربه منصور هادي، علي الأعوش، ومدير أمن عدن، اللواء شلال شايع، إلى السجون الخاضعة لإشراف «التحالف» في المدينة.

وتأتي هذه الخطوة بعدما أثارت وكالات عالمية ومنظمات دولية قضية السجون السرية التي تشرف عليها الإمارات، كاشفة جانباً من أصناف التعذيب والإذلال التي يتعرض لها المعتقلون في تلك السجون، والتي عدتها وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية جرائم حرب. كما تأتي الخطوة بعد وقفات احتجاجية عدة نظمها أهالي المعتقلين للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم، بالتزامن مع إضراب عن الطعام دخله المعتقلون احتجاجاً على تعريضهم للتعذيب، واستمر أكثر من أسبوعين متسبباً بحالات إغماء وتدهور صحي، نقل على إثرها اثنان من المعتقلين، هما حسين نجيب العطاس وحسان ديان، إلى المستشفى.

ثمة اعتقاد بأن السجون التي تشرف عليها الإمارات لم تعد كافية لاستيعاب المعتقلين.

يتحدث أسير مكث لستة أشهر في سجن بئر أحمد الذي أنشأته الإمارات، إلى «العربي»، عن تجربته وآخرين. يكشف أن «الأسرى تعرضوا للتعذيب بالصعق بالكهرباء، وأحياناً بإطلاق الكلاب عليهم، ومرات بإدخالهم في الليل في حفر صغيرة تحت الأرض»، مضيفاً أن «بعض الأسرى أُرغموا على الاعتراف بجرائم وهم تحت التعذيب». وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» كشفت أن المعتقلين تعرضوا لـ«الضرب والشتم والتهديد بالقتل، والصعق بالكهرباء والإجبار على التعرّي والتهديد بالاغتصاب، والتعريض لدرجة حرارة عالية تصل إلى حد شواء السجين على النار، وإجبار السجناء على شرب بولهم».
وثمة اعتقاد بأن السجون التي تشرف عليها الإمارات في عدن وحضرموت لم تعد كافية لاستيعاب المعتقلين، وهو ما يحدو بالإمارات إلى إنشاء سجن جديد في بئر أحمد، لكن بشكل معلن هذه المرة، وبرفقة بهرجة إعلامية تستهدف القول إن السجون الخاضعة لإشراف «التحالف» مستوفية لمعايير السلامة والشروط الإنسانية. وأياً يكن الهدف، فإن الأمر ليس غريباً عن الإمارات التي حيثما حلت أنشأت لها سجوناً. نموذج من ذلك مدينة المخا التي أنشأت فيها الإمارات، خلال أشهر قليلة، حوالى سبعة سجون. ويتخوف نشطاء من أن يكون افتتاح السجن الجديد نذيراً بنية الإمارات الزج بمزيد من المعارضين في السجون من دون تهم واضحة، وبلا محاكمات، وخارج القضاء.
وتمارس القوات المدعومة من الإمارات أعمال تعذيب وقتل للمعتقلين. وقد أقدمت قوات «الحزام الأمني» في محافظة أبين، والمدعومة من أبوظبي، على قتل أسرى لتنظيم «القاعدة» بعدما سلموا أنفسهم لها. كما سُجّلت حالات تعذيب وقتل لمواطنين في أبين، كان آخرها في سبتمبر الماضي، عندما تعرض مواطنان اثنان من آل شداد، يعملان في تربية النحل، للتعذيب حتى الموت.