كل ما يجري من حولك

أسباب الخروج.. والموقف على أرض كربلاء: الإمام الحسين بين خيارين

2٬111

سببُ خروج الإمام الحسين

بيّن السيدُ القائدُ حفظه الله بأن الإمامَ الحسين -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- عندما خرج في هذه الأُمَّة، في مرحلة قبلت الأُمَّة بأن يحكمها ويدير شؤونها ودينها ودنياها رجلٌ من أسوأ الناس، شيطانٌ من شياطين الإنس، مجرمٌ من أكابر المجرمين، أمةٌ كان يدير شؤونها محمد ويوجهها محمد، كان يقودها محمد، فإذا هي تذهب بنفسها لتكون تحت ولاية وقيادة مجرم من أسوأ المجرمين، يزيد القرود، يزيد الخمور، تذهب من الطهر إلى الدنس، والرجس، تبتعد عمن أذهب اله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، تبتعد عن سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عن سيد شباب أهل الجنة، الذي يقود الأُمَّة إلى الجنة، إلى يزيد، وتقبل بيزيد، ويتحكم بشؤونها يزيد، يتحكم على رقاب أهلها ويستعبدهم!!

رجلٌ بمثل صفات يزيد بن معاوية، الذي عرفه الجميع، بأنه إنسان ضال، مجرم فاسد، مشهور بالخمر، يجعل على أحد الكرسيين الذين بجواره على أحدهما قردا، وعلى الآخر سرجون النصراني الرومي، الذي كان يمثل ما يمثله السفراء الأمريكيون اليوم في المنطقة العربية، سرجون النصراني كان يمثل السفير للروم، للنصارى، عند يزيد، ومستشار ليزيد، يشير عليه بالرأي، ويدبِّره، ويوجهه، ويأمره وينهاه!! رجل نصراني يحمل كُلّ الحقد والضغينة على هذه الأُمَّة، لا يريد لهذه الأُمَّة ذرة من الخير، ولا يهمه أن يكون لها أي شيء من الصلاح..

رجلٌ مثل يزيد، ماذا يمكن أن يقدم للأمة؟؟ هل سيصنع لها مجدا؟ هل سيسود الخير في أمة يقودها؟ إنه رجل يفسد هذه الأُمَّة، ويضلها، وقد كان الإمام الحسين عليه السلام يقول: [إني لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا تكبراً ولا ظالماً ولا مفسداً، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي] ؛ لأن الأُمَّة فعلاً كانت بحاجة إلى الإصلاح.

 

خروجه عليه السلام: إلزامُ الناس الحُجَّة

وأشار السيد القائد حفظه الله بأن الإمام الحسين -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- بداية اتجه صوب مكة، على أمل اجتماع الناس في الحج، حيث أنه كان نسخةً مصغرةً من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كُلّ شيء، ليحاولَ أن يستنهضَهم، ويُذّكر الأُمَّة بمسؤوليتها، يذكرها بالخطورة الكبيرة التي حينما سلمت زمامها لطاغية فاجر فاسق، والتقى فعلا بالناس وذكرهم بواجبهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومقارعة الظالمين.

ومن مكة اتجه الإمام الحسين -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- إلى العراق، حيثُ شيعة أبيه، وحيث وصلت إليه الكثير من الرسل والكتب، التي تعلن الاستجابة له، وتعلن التأييد له، وأنه سيجد في العراق مجتمعا يقبل بالحق، وينصر الحق، ويقف مع الله ومع الإسْلَام، ومع أولياء الله، وفي طريقه إلى العراق كان دائم التذكير للأمة ولمن يجدهم في طريقه من الناس بواجبهم، وبأنه لا يجوز السكوت على الطغاة الظالمين..

ولكن الأُمَّة خذلت الحسين عليه السلام، وبالرغم من تنكر الأُمَّة له، وللإسْلَام، ورغم كُلّ ذلك التخاذل والوقوف في وجهه، إلا أنه ضرب أروع الأمثلة التي قدمها عن دين الله، وعظمته، وعن قيم الإسْلَام، بقي هو ومجموعة صغيرة معه، ممن تأثرت بتعاليم القرآن، وَطهارة الإيمان، صامدين ثابتين.

 

الموقف على أرض كربلاء: الإمام الحسين بين خيارين

وقال السيد القائد حفظه الله بأن الإمامَ الحسين -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- لما وصل كربلاء، وحُوصر هناك، ووقف بوجهه حتى أولئك الذين كاتبوه، وراسلوه وعاهدوه، فتغيروا وتغيرت مواقفهم نتاج تلك التحولات التي مثلت انقلابا في المجتمع الإسْلَامي، وقفوا بوجهه، جنودا مجندة مع ابن زياد ويزيد، مع الفجور، مع الظلم، مع الطغيان، وقفوا بوجه الحسين عليه السلام وهم يعرفون من هو، ويعرفون دعوته، وماذا يريد، وما يسعى إليه من خير لهذه الأُمَّة!!

في تلك الحال وقف الإمام الحسين بين خيارين: بين أن يصمد على مبدئه وعلى موقفه، ويثبت ولو ضحى بما ضحى، أَوْ أن يتراجع أَوْ أن يسكت أَوْ يتغير كما كان حال الأغلب بالنسبة للأمة حتى بوجهائها، بعلمائها، بعبَّادها، آنذاك..

لكنه قدم أروع الأمثلة، وقف أمام أصحابه وهو يقد لهم التطورات الأخيرة ويقول لهم: (ألا وإن الدعي ابن الدعي)؛ لأن الجهة التي كان يقودها عبيد الله بن زياد وزياد بن أبيه من قبله هم أبناء زنا، وأتوا من ساحة الرذيلة، والفحشاء وَالمنكر.. قال الإمام الحسين -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ-: (ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك، ورسوله، والمؤمنون، وحجور طابت، وأرحام طهرت، من أن نؤثر طاعة اللئام، لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر إقرار العبيد)..

فالإمام الحسين بمعية القلة القليلة وفي غربة كبيرة بين أوساط هذه الأُمَّة، لقي الله محقا، وبالحق لقي الله مخضباً بدمائه مظلوماً، لقي الله وفيه أكثر من ثلاثين طعنة، وأكثر من ستين ضربة وهو مشكوكٌ بالسهام، لقي الله، وحينما أسقطته الأُمَّة على الأرض صريعا، وهو حفيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ووريثه، وسبطه، فإن الأُمَّة سقطت وأسقطت نفسها.

You might also like