كل ما يجري من حولك

هل تستطيعُ روسيا أن ترُدَّ على الهجوم الأمريكي على سوريا في اليمن؟!

474

عبدالمنان السنبلي

يخطئ كُلُّ مَن يظنُّ أن مواجهةً عسكريةً مباشرةً قد تحدث بين روسيا وأمريكا على الأقل في الوقت الحالي أَوْ على المدى المتوسط المنظور على خلفية قصف أحدهما مثلاً حليفاً استراتيجياً أَوْ مقرباً للآخر هنا أَوْ هناك، فالقوتين العظميين يدركان بالطبع جيداً ماذا يعني أن يتصادما أَوْ يتواجها عسكرياً بصورة مباشرة وما الذي سيخلفه ذلك على مستقبل البشرية جمعاء من آثارٍ تدميريةٍ ضخمة! لكن ومع ذلك فإن هذا لا يمنع من وجود مواجهةٍ أَوْ تصادمٍ من نوعٍ ما أشبه ما تكون بحربٍ باردةٍ على نحوٍ مصغرٍ جداً قد تتطور وتنمو في ظل تقاطع وتضارب المصالح الكبرى بينهما شيئاً فشيئاً حتى تصل إلى حجم تلك الحرب الباردة التي كانت قائمةً بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي في أعقاب الحرب العالمية الثانية!

مما لا شك فيه أن الطرفين اليوم قد تجاوزا مرحلة الاستقطابات الأساسية حيث اكتفى الأمريكيون على ما يبدو بحلفائهم التقليدين سواءً في نطاق (الناتو) أَوْ خارجه كبعض الدول العربية الطائعة أَوْ التابعة، وأما الروس فقد استطاعوا خَاصّةً بعد انهيار المنظومة الشيوعية وحلف (وارسو) أن يشكلوا تحالفاً غير معلنٍ في إطار ما بات يعرف بدول (البركس) بالإضافة إلى حلفاء تقليديين ظلوا على حالهم من مخلفات الحقبة الاشتراكية السوفيتية ككوريا الشمالية وكوبا وإيران وغيرهم!

على أية حال يلاحظ المتأملُ أن الطرفين قد انتقلا اليوم إلى مرحلة التموضع والتمركز أَوْ إن صح التعبير مرحلة التخندق حيث أَصْبَح كُلّ طرفٍ منهما منشغلاً ومنهمكاً في تأمين خطوط المواجهة المحتملة وأين ينبغي له أن يقف ويتموضع ضد الآخر، حيث يبدو أن الأمريكيين قد اختاروا بلدان أوروبا الشرقية كخطٍ أمامي أول للمواجهة من خلال مشروع القبة الحديدية المُخَطّط لتنفيذه منذ مدة، بينما يبدو من الواضح جداً أن الروس قد اختاروا سوريا وضفاف المتوسط الشرقية خطهم الامامي الأول لأي مواجهة محتملة!

بصراحة ما يحدث اليوم من اضطراباتٍ وخَاصّةً في منطقة الشرق الأوسط يأتي على ما يبدو في إطار محاولة كُلّ طرفٍ إزاحة الآخر وإجباره على التراجع أَوْ الانكماش تدريجياً وذلك من خلال سعي كُلّ طرفٍ لخلق الصعوبات وإيجاد المعوقات في وجه الآخر لعرقلة برنامجه أَوْ تعطيل خططه الاستراتيجية الآنية والمستقبلية تجاه الآخر، ولذلك فقد جاء القصف الأمريكي على سوريا ليس كما قالوا لتأديب النظام السوري بسبب ما أدعوه أنه استخدم أسلحة كيميائية ضد شعبه وإنما في حقيقتها لإرباك وخلط الأوراق على روسيا التي بدورها نجحت خلال الفترة الماضية في إحراز تقدم كبير في ما تقول عنه مواجهة الإجرام وبالتالي توطيد وتثبيت أقدامها عسكرياً على الأرض السورية في إطار ما أوردناه سالفاً!

روسيا بدورها تقول إنها تدرس خيارات الرد المناسب على ذلك الهجوم ولا أدري بصراحة كيف تتعامى عن إمكانيتها توجيه ضربة موجعة لأمريكا وحلفائها السعوديين والخليجيين في اليمن حيث وأن الامر لن يكلفها كثيراً أَوْ يتطلب منها مثلاً التدخل العسكري المباشر، كُلّ ما عليها فعله فقط هو تزويد الجيش اليمني ببعض التكنولوجيا أَوْ الأسلحة النوعية لمواجهة التفوق الجوي النوعي لدول التحالف الصهيو-سعودي-الأمريكي بالإضافة إلى إبداء موقفٍ صلبٍ وثابت بشان العدوان على اليمن في مجلس الأمن ولتترك باقي الأمر على عاتق اليمنيين والذي بدورهم لا أعتقد أنهم سيخذلونهم! فهل تضع روسيا اليمن ضمن أوراقها الرابحة لمواجهة الأمريكيين وحلفاءهم خَاصّةً وأنه يربطها اتفاق دفاعٍ مشترك قديمة مع اليمن، أم أنها وبكل سذاجةٍ ستخسر ورقة اليمن كما خسرت من قبل ورقتي العراق وليبيا؟! من يدري؟!

You might also like