كل ما يجري من حولك

إضراباتُ الجامعة: قصةُ راتب… أم أكثر؟

543
  متابعات| العربي:
تواصل نقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في جامعة صنعاء إضرابها منذ مطلع الأسبوع الجاري، مع حوادث يومية تتخلل الإضراب، من اتهامات بمضايقات وتهديدات لمشاركين، وسط تزايد الجدل بين من يرى أن الإضراب حق طبيعي بعد تأخر مستحقات الأكاديميين لأشهر، وبين من يرى أنه يخدم أجندة لسلطة عبد ربه منصور هادي ودول “التحالف” التي تقودها السعودية.
وفي أحدث بياناته، شدد المجلس الأعلى للتنسيق بين نقابات أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في الجامعات الحكومية، على “الاستمرار والالتزام بقرار الاضراب وعدم الاستجابة لأي جهة كانت مع الاحتفاظ وعدم تسليم أسئلة امتحانات الفصل الأول” (المقرر أن تبدأ الشهر الجاري)، وقال إن المجلس “ثمن عالياً التفاعل الإيجابي مع قرار الإضراب من قبل الغالبية العظمى من قبل أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في كل الجامعات وجديتهم في القيام بمسؤوليتهم في الدفاع عن المؤسسات الأكاديمية أمام ما تتعرض له من اختلالات في الجوانب الأكاديمية والإدارية والمالية، وكذلك إصرارهم على نيل حقهم الطبيعي باستلام رواتبهم المتأخرة للأشهر: أكتوبر ونوفمبر وديسمبر من العام المنصرم”.
ويوم الإثنين الماضي، اتهمت نقابة أعضاء هيئة التدريس بجامعة صنعاء أكاديمياً موالياً لـ”أنصار الله” (الدكتور محمد الماخذي) بالاعتداء على رئيس الهيئة الإدارية للنقابة، محمد الظاهري، وتهديده بـ”التصفية” إذا لم يغادر مبنى كلية الآداب، الذي كان يزوره صباح الإثنين. وفي هذا السياق، أدان المجلس الأعلى للنقابات هذه الحادثة، وحمل الجهات المعنية المسؤولية الكاملة عن سلامة الظاهري، داعياً “الزملاء والزميلات للوقوف صفاً واحداً ضد محاولات إخضاع منتسبي الجامعة بالقوة والإرهاب، وسلبهم قوة إرادتهم واستقلالية قرارهم”.
جدل واتهامات
ومع استمرار الإضرابات وما ترافق معها من إشكالات، أبرزها ما تردد عن الاعتداء على الظاهري وتهديده، تصاعد اللغط حول دوافع الاضرابات بين من يراها حقاً كفله القانون في ظل أزمة الراتب التي يكتوي بها الأكاديميون كغيرهم من الموظفين الحكوميين، الذين لم يتسلموا الرواتب منذ سبتمبر الماضي وأصبحوا يعيشون ظروفاً معيشية غاية الصعوبة.
وفي مقابل ذلك، ظهرت انتقادات واتهامات موجهة للداعين للإضرابات بأنهم يخدمون “أجندة سياسية”، لما يصفونه بـ”دول العدوان” وحكومة هادي، التي تشجع “اختلاق المشاكل”، في مناطق سيطرة “أنصار الله” و”المؤتمر”.
“ما اقدرش أصبر 4 أشهر بلا راتب”
وقال عضو الهيئة الإدارية لنقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في جامعة صنعاء، الدكتور هشام ناجي، لـ”العربي”، إنه “عندما يكون هناك تصارع في السلطة، فمن الطبيعي أن يكون هناك بعض الجهات ممكن تستغل موقف النقابة باستغلال الصراع، لكن في النهاية أنا ما اقدرش أنني أرفض أو أصبر على عدم استلام الراتب لمدة أربعة أشهر أو أكثر لأن هناك صراع بين السلطتين”.
ويضيف أنه لذلك “النقابة تحاول بقدر الإمكان لما توجه المطالبة بالرواتب توجهها بشكل عام لا تضغط على سلطة لكي تستفيد منها السلطة الأخرى، فنحن نطالب برواتبنا من جميع السلطات، وطبعاً الإضراب مكفول بموجب القانون تتبعنا فيها كل الخطوات القانونية وبالتالي لا يستطيع أحد أن يلومنا على ذلك”.
“رواتبنا… وهذا كل ما في الأمر”
من جانبها، تقول، عضو بهيئة التدريس في جامعة صنعاء، الدكتورة بلقيس علوان، لـ”العربي”، إن “الإضراب حق يكفله الدستور والقانون، ومن يروج أن الاضراب يخدم سياسات معينة يغالط نفسه، وليقل لنا هؤلاء من أين وكيف يعيش الموظف في بلد رواتب موظفيه هي الأدنی في المنطقة وربما العالم، في ظل عدم تقديم أي حلول أو بدائل”، وتضيف: “نحن موظفون في دولة ونطالب هذه الدولة برواتبنا… هذا كل ما في الأمر”.
قرارات هادي وسيطرة “الإصلاح”
ومع ذلك، تجد الدعوة للإضراب انتقادات، حيث يقول أستاذ العلوم الإنسانية بجامعة صنعاء، الدكتور فتحي أحمد السقاف، إن “المرتب استحقاق لكل أكاديمي ولكل موظف ومن حق الجميع المطالبة به وواجب الحكومة العمل على توفيره”. لكنه يستدرك في حديثه إلى “العربي”، بالقول إنه “عند النظر إلى السبب في عدم صرف الراتب نجدها متعددة وأهمها هو قرار هادي نقل البنك المركزي اليمن من صنعاء إلى عدن”.
ويتابع أنه بالإضافة إلى ذلك “استحواذ حزب الإصلاح على الموارد المالية ومنها قيمة النفط والغاز في محافظة مأرب وفصل فرع البنك عن البنك المركزي في صنعاء وقيام المدعو العرادة (محافظ مأرب سلطان العرادة) ومن يدعون الشرعية بالتحكم في هذه الموارد الأساسية في دعم الموازنة العامة، وكذلك موارد المنافذ البرية والبحرية والجوية في البلد وكلها تحت سيطرة حزب الإصلاح، وزد على ذلك إعلان نقل البنك إلى عدن والتزام أحمد عبيد بن دغر والدنبوع (الرئيس هادي) بصرف مرتبات جميع موظفي الجمهورية اليمنية وعدم الوفاء بوعدهم”.
ويرى السقاف أن ما ذكر “مشكلة داخلية وهناك العامل اأهم وهو وجود العدوان المستمر على اليمن بقيادة السعودية ومن تحالف معها، وإطباق الحصار القاتل براً وبحراً وجواً، وبرغم القصف المستمر والقتل والتدمير للإنسان والبنى التحتية من مصانع ومنشآت وطرقات كلها تعد ضمن الحرب اﻻقتصادية إلى جانب الحرب المباشرة على اليمن”.
“أجندة العدو”
وتعليقاً على ما سبق يقول الأكاديمي الذي يعارض الإضرابات في الجامعة: “إذاً ما فائدة الإضراب ونحن في ظل هذه الظروف، نحن باإضراب ننفذ أجندة العدو السعودي الذي هدفه قتل اليمن واليمنيين”، ويضيف: “يفترض من الأكاديميين تقديم الحلول في ظل المعطيات الحقيقية والموضوعية وليس التصعيد واختلاق المشاكل التي تضعف الجبهة الداخلية وتضعف جبهات المواجهة المباشرة”.
ويعتبر السقاف أن هناك طرقاً وطنية عديدة “نستطيع من خلالها المطالبة بصرف الراتب وهو كما أشرت استحقاق واجب على الحكومة والحكومة قامت بمعالجة صرف نصف راتب على أن تقوم بجدولة الرواتب المتبقية وهذا حل معقول، إذاً يجب علينا أن نساعد الحكومة والوطن في تجاوز هذه المعضلة”.
ويشير إلى أنه بالعودة الى الوراء قليلاً لقد توقف صرف الراتب لمدة ستة أشهر، خصوصاً لمنتسبي القوات المسلحة والأمن، ولم ينادوا بالإضراب، وهي أزمة داخلية “ونحن الآن نواجه عدواً شرساً متغطرساً والواجب على الجميع الوقوف ضد هذا العدوان باﻻستمرار في ممارسة الحياة الطبيعية وليس تعقيدها بممارسات طائشة غير مسؤولة”، بحسب تعبيره.
You might also like