كل ما يجري من حولك

الأردن متردد في احتواء لجنة التهدئة في اليمن

438

 

متابعات| العربي:

لا مؤشرات إلى حدوث انفراج سياسي قريب بشأن الأزمة اليمنية وتوقف القتال. وفي الوقت الذي يعود فيه الحديث عن جهود دبلوماسية دولية وإقليمية بشأن الحلول السياسية، يعود الركود والتعثر ليفرضا نفسيهما من جديد، بل تعود المواجهات والمعارك إلى واجهة التطورات، وبصورة أعنف عما قبل.
قبل أيام كان وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، قد زار الرياض بهدف تحريك ملف المفاوضات وإنعاشها، ومعه تحرك المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وشهدت الرياض اجتماعات موسعة لما عرف باللجنة الرباعية بشأن اليمن وخطط السلام.
ولعل بعد هذه الاجتماعات والمباحثات تحدث ولد الشيخ أحمد عن التحضير لاجتماع لجنة التهدئة والتواصل في الأردن، والتي قال إنها ستبحث وستتفق على وقف إطلاق النار كخطوة أولى في طريق استئناف المفاوضات اليمنية.
الحكومة اليمنية أعلنت عن مشاركة ممثليها في اجتماعات اللجنة العسكرية المكلفة بتثبيت وقف إطلاق النار تمهيداً لانطلاق مباحثات سياسية استناداً إلى خطة السلام المقترحة من الأمم المتحدة، وذلك بعد يوم على تأكيد ممثلي جماعة “أنصار الله” استعدادهم لتقديم تنازلات من أجل السلام.
وأكد وزير الخارجية اليمني، عبد الملك المخلافي، أن حكومته مستعدة للمشاركة في اجتماع لجنة التهدئة والتواصل، الذي دعا المبعوث الدولي إلى عقده في الأردن، وأنها تقدر كل الجهود الدولية من أجل الوصول إلى السلام، غير أنه تجنب الحديث عن مضامين بيان اللجنة الرباعية بشأن اليمن وخطة السلام التي أيدتها، ولم يوضح ما إذا كانت الحكومة قد قبلت بالخطة، التي سبق لها أن رفضتها قبل تعديل جزء بسيط من مضامينها.

بدوره، ذكر الناطق باسم وزارة الخارجية الأردنية، صباح الرافعي، أن بلاده تلقت طلباً من اللجنة الرباعية لاستضافة ورشة العمل للجنة التهدئة والتنسيق لوقف إطلاق النار في اليمن، وأنها “ستنظر في الطلب، ولم يتم اتخاذ قرار بالموافقة بعد”.
يرى مراقبون أن هذه الجولة إذا ما تمت فلن تكون مختلفة عن سابقاتها، ما دامت المعادلة العسكرية على هذا الحال، حيث لا توجد مؤشرات جادة إلى تنازل جماعة “أنصار الله” عن “سلطة الأمر الواقع”، ومن جهة ثانية لا توجد مؤشرات إلى تقديم أي تنازلات أيضاً من قبل حكومة “الشرعية”، والكل متمسك بمواقفه حتى الآن، ولهذا أي حديث عن تسوية هو استهلاك للوقت.
وإذا كانت الأطراف جادة في هذه الخطوة، لماذا إذاً التصعيد العسكري على الأرض؟ ألا يفترض أن تبدأ الأطراف بإظهار حسن النية والتراجع عن استمرار القتال؟ ولكن ما يحصل هو العكس، فالأطراف تتحدث عن قبولها بالمشاركة في اجتماع لجنة تهدئة، وبالمقابل تذهب نحو التصعيد العسكري على الأرض، إضافة إلى تصعيد جوي آخر من قبل طيران “التحالف العربي”.
هناك من المراقبين من يرى أيضاً أن لا معنى لاجتماع لجنة تهدئة، والأطراف لم تتفق بعد على خطة سلام، أو على أي مسار واضح، وأن المشكلة أساساً متعلقة بالصراع السياسي وليس بالقتال الذي تريد الأمم المتحدة بحثه قبل البحث عن حل سياسي من شأنه أن يأتي بتوقف المعارك والقتال على الأرض.
مصادر في حكومة بن دغر قالت لـ”العربي” إن الأردن مترددة حتى الآن بشأن احتواء هذه المباحثات، خصوصاً وأن الأطراف اليمنية لم تبد أي نوع من الجدية طوال الفترات السابقة وفي جميع جولات المباحثات التي قامت بها.
وللأردن تجربة سابقة ربما مع اليمنيين، ومع توقيع الاتفاقيات، ولعل وثيقة العهد والاتفاق التي وقعت عليها الأطراف اليمنية المتصارعة في 94 خير دليل على عدم التزام اليمنيين باي اتفاقات تتم، فالأردن التي احتوت هذه الجولة من الحوار والمفاوضات السياسية اليمنية، اكتشفت أن الأطراف المتصارعة اليمنية تقول شيئاً على طاولة التفاوض، ولكنها على الأرض تقول شيئاً آخر، متجاوزة كل الاتفاقات التي تبذل في إطارها دول إقليمية جهوداً كبيرة.
وكشفت المصادر الحكومية لـ”العربي” عن أن ما جرى في الرياض من مباحثات تم التوصل من خلالها إلى جولة تهدئة من المفترض أن تتم في الأردن، أنها لعب على الوقت ولا تتعدى حدود الاستهلاك الإعلامي، مشيرة إلى أن الهدف من زيارة كيري إلى الرياض هو بحث ملفات أخرى مع السعودية، خصوصاً وأن البيت الأبيض مقدم على خارطة سياسية جديدة في المنطقة، وأن الملف اليمني لم يكن هو ما يجري البحث عنه وعن حلول جدية له.
وأكدت المصادر بأن حكومة الرئيس هادي الآن مهتمة بمواصلة الضغوط على الأمم المتحدة بشأن تعديل الخارطة المطروحة، والتي لم يتم الاتفاق بشأنها بعد، ولهذا هي تواصل ضغوطاتها بتحريك الورقة العسكرية على الأرض، ويشاركها “التحالف العربي” هذه الخطة.
وتوقع متابعون عودة الجمود بشكل كبير للجهود الدولية بشأن الملف اليمني، مع انشغال الولايات المتحدة الأمريكية بتسليم السلطة إلى الرئيس الجديد، ترامب، حيث وأن أمريكا ستنشغل تماماً عن اليمن وستتفرغ بترتيبات الإدارة الجديدة، وهناك ملفات أولية ومهمة بالنسبة إليها.
الأمم المتحدة هي الأخرى تبدو غير مقتنعة بما يجري، بل تبدو عاجزة عن إلزامها الأطراف اليمنية بالقبول بتسوياتها وحلولها المقترحة، ولذا تارة تتحدث عن خارطة سلام نهائية، وتارة أخرى تتحدث عن إمكانية تعديل ذلك وابتكار خطط سلام جديدة، وهكذا تدور ضمن دائرة التلاعب والعجز عن اختراق جدار الأزمة وتسجيل موقف جدي وحازم.
وما بين هذا وذاك تظل اليمن ساحة ممكنة للاستمرار في القتال وساحة ممكنة لهذا التلاعب الطويل وللصراع وتصفية الحسابات الإقليمية، ولا يهم المجتمع الدولي انهيار اليمن يوماً بعد آخر، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً.

 

You might also like