كل ما يجري من حولك

تنهل الحناجر الحرة في كل العالم من معين واحد

525

تنهل الحناجر الحرة في كل العالم من معين واحد

صلاح الدكاك

أطلق الإمام الحسينُ صرخته الشهيرة (هيهات منا الذلة) في مواجهة جبروت واستكبار الأُمويين اللابس مسوح الإسلام.

وَصرخ الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في وجه العدوان الثلاثي الصهيوني البريطاني الفرنسي (كُتِب علينا القتال وَلن يُفرَض علينا الاستسلام.. سنقاتل سنقاتل).

وعلى ذات الصراط التحرري يقف سيد الثورة السيد القائد عبدالملك الحوثي ليطلق صليات الحرية السرمدية في روع غزاة تتبدل لبوسهم وَأسماؤهم وَلا تتبدل مراميهم (يأبى ديننا وَتأبى قيمنا وَوطنيتنا وَإنسانيتا وَتأريخنا الحافل برفض العبودية لغير الله أن نُستعبد وَنُضام وَنستباح.. سنقاتل سنقاتل ما بقي في الشرايين دم وَفي الأجساد حياة).

في ذكرى تأريخين فارقين أحدهما ديني وَالآخر وطني، يستجلي سيد الثورة خطَّ سيرورة التأريخ العربي وقوفاً عند نقاء منابعه وَنقداً لانحرافاته التي قدمت الإسلام بوصفه مستخدَماً لدى الطغاة وَالمستكبرين وَخادماً مطيعاً لنزواتهم وَأهوائهم.

الإسلامُ في صورته الخالصة من شوائب التحريف وَالانحراف -بحسب استجلاء سيد الثورة- هو نفيٌ مطلقٌ لكل عبودية دون عبودية الله.. إنه ضامنُ كرامة وَعدالة وَحرية وَسعادة للبشر على اختلاف أعراقهم وَألوانهم وَما دون ذلك ليس إلا عبودية مقنَّعة بإسلام زائف يتمظهر اليوم جلياً في صورة النظام السعودي.

تحدث سيد الثورة مراراً عن جاهلية حديثة ينبغي مقارعتها وَرفضها وَالخلاص منها.. جاهلية هي نقيض لتلك التي نَظَّر لها سيد قُطب كلياً.. إنها لدى سيِّد الثورة جاهلية الاستعمار وَالاستكبار وَالاحتلال متجسداً اليوم في الهيمنة الأمريكية وَجناحيها الأبرز: الكيان الصهيوني وَالنظام السعودي.

أما مقارعة هذه الجاهلية في رؤية السيد فتبدو امتداداً لنضال حركات التحرر عربياً وَعالمياً ضد الاستعمارين الحديث وَالمعاصر على النقيض لجاهلية قُطب التي اتخذ منها غطاءً للحرب على حركات التحرُّر وَحربةً في ظهر عبدالناصر إبان احتدام المجابَهة بينه وَبين قوى الإقطاع وَالعَمالة للمستعمر داخلياً وَبينه وَبين الصهيوأمريكية عربياً وَدولياً.

إنَّ موقفَ سيد الثورة هنا هو استمرار أَكْثَــر عنفواناً وَدفقاً لمسار التحرر العربي وَالإنساني إزاء ذات المؤامرات والقوى الرامية بشبق مقيت لإذلال وَقهر الشعوب وَإلحاق الأذى بالبشرية المكرمة بموجب الرسالة الإلهية، وَعلى هذا المسار يغدو الإسلام طاقة سرمدية رافدة لنضال المقهورين وَالمستضعفين لا صكاً في قبضة الجلادين وَالمستكبرين يستعبدون به البشر وَيستبيحون باسمه أراضيهم وَأعراضهم.

في ذكرى الهجرة المحمدية الشريفة وَذكرى ثورة أكتوبر المجيدة يعيد سيد الثورة تصويب بوصلة النضال باتجاه القضايا الكبرى للأمتين العربية وَالإسلامية، وَيرى أن حقبة الاستعمار لم تحظ بالدراسة الكافية وَالعميقة في مناهج التعليم وَمن قبل المعنيين بالأمر، لذا فإن التأريخ يعيد نفسه صانعاً ملهاة وَهزلية قوامها معاودة احتلال ذات الأوطان بذات الذرائع وَبمباركة من ذات الخونة وَالعملاء وَالمرتزقة، ما يعني في نظر السيد أن الاستقلال في صورته المنشودة لم يكن ناجزاً وَأن الحرية كانت منقوصة، وَوفقاً لهذا الفهم فإن النضال للتوافر على شروط الاستقلال وَالحرية ينبغي أن يستمر وَبوعي وَيقظة أَكْثَــر حدةً وَنفاذاً وَإدراكاً لمكامن الخلل من ذي قبل..

إن انجازَ الاستقلال وَطرْد المحتل ممكنٌ، مع أمل الشعب في الله وَإرادة الحرية لديه وَمشروعية الهدف وَاستلهامه لسيرة أجداده في هذا المضمار وَتمثُّله لقيم العزة وَالكرامة وَالإباء وَحسُّه العميق بها.

لا يمكنُ للمؤامرات التي تحاك اليوم ضد شعبنا أن تصرفنا عن القضايا الكبرى لأمتينا العربية وَالإسلامية وَتغطي جرائمَ الاحتلال الصهيوني بحق مقدساتنا وَعلى رأسها الأقصى الشريف.

التزامُنا بالنقاط السبع التي كانت حصيلةَ تفاوُضات مسقط تُسقط العناوين التي برَّرَ بها التحالف السعودي الأمريكي عدوانَه على الـيَـمَـن.

تحوزُ صعدةُ على النصيب الأوفر من ضراوة العدوان وَهمجيته، وَمع ذلك فإن سيد الثورة يطلُّ علينا من حيث ينبغي أن يقلقَ ليبث فينا الطمأنينةَ نحن المقيمين حيث ينبغي أن نطمئن.

You might also like