كل ما يجري من حولك

(انتفاضة السكاكين).. هل تنجح في تحقيق أهدافها رغم الخذلان العربي؟

613

 (انتفاضة السكاكين).. هل تنجح في تحقيق أهدافها رغم الخذلان العربي؟

مي محروس *

“انتفاضة السكاكين”.. هل هي موجة جديدة من موجات الغضب الفلسطيني تجاه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة وستنتهي؟.. أم أنها بالفعل “انتفاضة ثالثة” انطلقت ولن تستطيع دولة الاحتلال الصهيوني إخمادها؟. فقد نشرت صحيفة “التايمز” البريطانية تحليلاً للصحفية كاثرين فيليب بعنوان “العنف من دون قيادة، يصعب إيقافه”، مؤكدة أن في حال اندلاع الانتفاضة الثالثة للفلسطينيين فإنها بلا شك ستكون مختلفة”.

ولكن هناك من يرى أن الوضع العربي المضطرب يلقي بظلاله سلباً على إمكانية انطلاق انتفاضة فلسطينية ثالثة واستمرارها، في هذا التوقيت، كما أن الداخل الفلسطيني ينقصه مزيدا من التوحد والإجماع الوطني.

 

انتفاضة أم موجة غضب؟

قالت كاثرين فيليب في تحليلها بصحيفة “التايمز” في مقال بعنوان “العنف من دون قيادة، يصعب إيقافه: “إن اندلاع الانتفاضة الثالثة للفلسطينيين بلا شك ستكون مختلفة عن سابقاتها”، مضيفة أنه لا يمكن نسيان صور الانتفاضة الأولى التي تمثلت برمي الفلسطينيين الحجارة على الجنود الإسرائيليين في الضفة الغربية وغزة والتي واكبها موجة من العنف إلى أن انتهت بتوقيع معاهدة أوسلو في عام 1993”.

ورأت “فيليب” أن الانتفاضة الأولى كانت “عفوية” فيما الثانية كانت “مخططة”، أما الانتفاضة الثالثة التي يراها هؤلاء الشباب بأنها بلا قيادة وناتجة عن الإحباط والغضب الشديدين، قد تعد من أكثر الانتفاضات تحديا.

ونقلت “فيليب” عن بعض الخبراء الأمنيين أن “هذا النوع الجديد من الانتفاضة الذي استخدم فيه السكاكين والسواطير والمفكات التي تستخدم في حياتنا بشكل يومي، تعتبر من أكثر الانتفاضات تحدياً لأن ما من أحد يعلم متى وأين ستشن مثل هذه الاعتداءات، كما أنه لا وجود لقيادة نحملها مسؤولية ما يحصل أو نتواصل معها في محاولة لإنهائها”.

 

إيمان بضرورة القضاء على الكيان الصهيوني

اعتبر الأمين العام لـ «الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة» فضيلة الشيخ ماهر حمود، هذا “العمل البطولي الذي يقوم به الشباب الفلسطيني في ظل انشغال العرب عنهم هو إيمان قوي بضرورة زوال الكيان الصهيوني، متعجباً من حالة الاضطراب التي يعاني منها اليهود من شاب يحمل السكين وبسرعة باغتة يقتل جنديا وثانيا وثالثا ورابعا من الجنود الصهاينة ثم يرتقي شهيدا لربه، ومثله الكثير من الشباب ممن قام بمثل هذا العمل البطولي، واليهود في حالة اضطراب كيف يواجهون مثل هذه الحالات؟”

وأضاف الشيخ حمود: “كانت الانتفاضة الأولي بالحجارة، والثانية بالخطف والآن الثالثة انتفاضة السكاكين، سلاح جديد استنبطه الشباب في فلسطين لمواجهة عدو الأمة، دون أن ننسي المرابطين في المسجد الأقصى الذين يمنعون العدو من تقسيم هذا المكان الطاهر، ونجح عملهم إذ أصدر رئيس وزراء العدو الصهيوني قراراً يقضي بمنع أعضاء الكنيست من زيارة المسجد الأقصى، هذه أول ثمرة والثمرات الأخرى آتية بإذن الله”.

وتوقع الأكاديمي السعودي الدكتور عوض القرني، أن ينهار الكيان الصهيوني هذه المرة، قائلاً “أقول مطمئنا سترون قريبا إن شاء الله انهيارا مدويا غير متوقع للكيان الصهيوني وسينهار لانهياره كل بناء هش يعتمد على هذا الكيان”، مسائلا العرب: أين جامعتكم وجيوشكم؟”.

 

كيف تختلف تلك الانتفاضة عن سابقتها؟

يرى الكاتب الفلسطيني عدنان ابو عامر، أنه ليس بالضرورة أن تأخذ الموجة الحالية تسمية انتفاضة ثالثة، على اعتبار وجود جملة من المتغيرات السياسية والأمنية والاجتماعية لم تكن حاضرة في الانتفاضتين السابقتين 1987، 2000، لكنها هذه المرة مختلفة عن سابقتيها في “حجم المشاركة في العمليات الفردية واستهداف الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، وعدم وجود إجماع فلسطيني رسمي حول المضي قدماً فيها حتى النهاية

 

الوضع العربي المضطرب

لا شك أن جرأة الاحتلال الإسرائيلي على المضي في مخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك لا يقل خطورة عن جريمة حرقه التي أدت إلى اندلاع الانتفاضة الأولى، مستغلاً حالة الانشغال العربي والإسلامي في قضايا داخلية، تجعل من الاهتمام بالمسجد الأقصى أمراً لا يحتل الأولوية بالأجندات السياسية العربية والإسلامية. ولكن هل يساعد الوضع العربي المضطرب على قيام مثل هذه الانتفاضة؟ في ظل شعوب منهمكة اليوم بثوراتها.

يقول الكاتب عدنان ابو عامر في تصريحاته للجزيرة: “توقيت الهبة الشعبية الفلسطينية الحالية يبدو غير مشجع على الإطلاق من الناحية الإقليمية والعربية، فلكل امرئ منهم شأن يغنيه”. مضيفاً: “بمتابعة أولية لنشرات الأخبار العربية تعطينا الجواب اليقين بأن المشاكل الداخلية تتصدر الاهتمامات، وهذا أمر لا يعيب أحداً، لكن ترتيب الأولويات قد يعيق تقديم عون عربي رسمي أو شعبي لأي انتفاضة فلسطينية، وقد عشنا ذلك للأسف خلال حرب غزة الأخيرة 2014، وحجم التفاعل الشعبي والرسمي العربي، الذي كان خجولاً في معظم الأحيان، ودون المستوى المطلوب بكثير”.

 

كيف تنجح هذه الانتفاضة؟

حدد المفكر والمؤرخ الفلسطيني عبد القادر ياسين، العوامل التي قد تؤدي إلى إنجاح الانتفاضة الثالثة قائلاً أولاً قطع ما يطلق عليه “التنسيق الأمني”، وهو التعليمات الصادرة من الأجهزة الإسرائيلية إلى رئاسة السلطة الفلسطينية في رام الله والتي لا تملك إلا الإذعان. ثانياً ممارسة النقد الذاتي إزاء خطايا تم اقترافها منذ اتفاقات أوسلو وحتى اليوم. ثالثاً: تحقيق جبهة متحدة لفصائل المقاومة التي لم تتورط في أعمال مشتركة مع إسرائيل. رابعاً: بلورة استراتيجية إجماع وطني- وهو المفقود على الساحة الفلسطينية الحالية خامساً: تفعيل العمق الاستراتيجي العربي المستعصي. سادساً: حسن التعامل مع الرأي العام العالمي. وسابعاً: التنسيق العقلاني بين أشكال الكفاح.

لذلك رأى ياسين، في حواره الصحفي أمس مع موقع “لكم”، أن “حماس الجماهير والشباب الفلسطيني وسخطهم مهما كانت أسبابه لا يكفيان لاستمرار أعمال الغضب لبلورة انتفاضة حقيقية دون العوامل السابقة”.

وحتى لا تتحول الانتفاضة لموجة غضب تخلف مزيدا من الشهداء والمصابين الفلسطينيين ودائرة دمار أوسع، قال الكاتب الفلسطيني علي بدوان إنه لا بد “من حواضن مُسانده سياسياً ومادياً ومعنوياً، حواضن عربية وإسلامية. كما يَحتَاُج لحل الاستعصاء الأكبر في الساحة الفلسطينية والخروج من حالة الاحتراب الذاتي، والمُتمثل بوجود الانقسام الداخلي وحالة التضارب والافتراق البرنامجي بين برنامج السلطة الفلسطينية في رام الله ورهانها على المفاوضات كطريق وحيد، والبرنامج الآخر الذي تتبناه حركتي حماس والجهاد الإسلامي وبعض القوى من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحتى أجنحة من داخل حركة فتح.

* موقع شؤون خليجية.

You might also like